الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            فصل : [ القول في غرور الزوج بالصفة ]

                                                                                                                                            وأما القسم الثالث : وهو غرور الزوج بالصفة فهو أن يتزوجها على أنها بكر ، فتكون ثيبا ، أو على أنها شابة فتكون عجوزا ، أو على أنها جميلة فتكون قبيحة ، إلى ما جرى هذا المجرى من الصفات ، ففي النكاح قولان :

                                                                                                                                            أحدهما : باطل ، وإن لم يدخل بها فلا شيء عليه ، وإن دخل بها فعليه مهر مثلها . وفي رجوعه به على من غره قولان على ما مضى في غرور النسب من اعتبار حال من غره .

                                                                                                                                            والقول الثاني : أن النكاح صحيح ، فعلى هذا يكون خياره في غرورها معتبرا بخيارها في غروره ، وفي خيارها لو غرها الزوج في هذه الصفات وجهان :

                                                                                                                                            أحدهما : لا خيار لها ، فعلى هذا أولى أن يكون له خيار .

                                                                                                                                            والوجه الثاني : لها الخيار ، فعلى هذا يكون معتبرا بخياره إذا كان مغرورا بالحرية ، وفيه قولان :

                                                                                                                                            أحدهما : لا خيار له فيه ، فعلى هذا أولى أن لا يكون له خيار إذا غر بهذه الصفات .

                                                                                                                                            والقول الثاني : له الخيار ، فعلى هذا يكون معتبرا بعلة الخيار في هذا القول ، فإن قيل : إنها في مقابلة خيار الزوجة ، فله الخيار في نقصان هذه الصفات ، كما كان للزوجة على هذا الوجه . وإن قيل : إنها تدخل النقص عليه في رق الولد ونقصان الاستمتاع ، فلا خيار له هاهنا لعدم النقص فيهما ، فأما إذا تزوجها على شرط فكانت أعلى منه ، مثل أن يتزوجها على أنها ثيب فتكون بكرا ، أو على أنها عجوز فتكون شابة ، أو على أنها قصيرة فتكون طويلة ، أو على أنها قبيحة فتكون جميلة ، وما شاء كل هذه الصفات ، ففي النكاح أيضا قولان :

                                                                                                                                            أحدهما : باطل .

                                                                                                                                            [ ص: 148 ] والثاني : جائز ولا خيار له .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية