الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            فصل : فأما إذا تزوجها بغير شرط فظنها على صفة فكانت بخلافها ، فالنكاح صحيح فيما سوى الرق والكفر ، ولا خيار فيه للزوج فيما سوى عيوب الفسخ من الجنون والجذام والبرص والرتق والقرن ، وأما الرق والكفر وهو أن يتزوجها ويظن أنها حرة فتكون أمة ، ويظنها مسلمة فتكون كافرة ، فإن كان مما لا يحل له نكاح الأمة : لأنه واجد للطول ، أو غير خائف للعنت ، أو كانت ممن لا تحل لمسلم كالوثنية ، فالنكاح باطل في الأمة الكافرة لتحريمها عليه ، وإن كان يحل ممن له نكاح الأمة لعدم الطول وخوف العنت ، ويحل له نكاح هذه الكافرة ، ولأنها كتابية ، فالنكاح جائز قولا واحدا : لأنه لم يشترط وصفا فوجد خلافه ، فأما الخيار ، فقد قال الشافعي في نكاح الأمة : إنه لا خيار له في فسخه ، وقال في نكاح الكتابية أن له الخيار في فسخه ، فاختلف أصحابنا على طريقين :

                                                                                                                                            أحدهما : نقل جواب كل واحدة من المسألتين إلى الأخرى ، وتخريجهما على قولين :

                                                                                                                                            أحدهما : لا خيار له في فسخ نكاح الأمة والكتابية على ما نص عليه : لأن الكتابية أحسن حالا من الأمة التي يسترق ولدها .

                                                                                                                                            والقول الثاني : أن له الخيار في فسخ نكاح الأمة والكتابية ، على ما نص عليه في الكتابية : لأن الأمة أغلظ حالا باسترقاق ولدها .

                                                                                                                                            والطريقة الثانية لأصحابنا أن حملوا جواب كل واحدة من المسألتين على ظاهره ، فلم يجعلوا له في نكاح الأمة خيارا ، وجعلوا له في نكاح الكتابية خيارا ، وفرقوا بينهما بأن لأهل الذمة خيارا يميزون به عن المسلمين ، فإذا خالفوا صار غرورا ، فثبت الخيار في نكاحهم ، وليس للمملوكين خيار يتميزون به فلزمهم غرور يثبت به الخيار في مناكحهم ، والله أعلم .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية