فصل : فأما إذا ، فالنكاح صحيح فيما سوى الرق والكفر ، ولا خيار فيه للزوج فيما سوى عيوب الفسخ من الجنون والجذام والبرص والرتق والقرن ، وأما الرق والكفر وهو أن يتزوجها ويظن أنها حرة فتكون أمة ، ويظنها مسلمة فتكون كافرة ، فإن كان مما لا يحل له نكاح الأمة : لأنه واجد للطول ، أو غير خائف للعنت ، أو كانت ممن لا تحل لمسلم كالوثنية ، فالنكاح باطل في الأمة الكافرة لتحريمها عليه ، وإن كان يحل ممن له نكاح الأمة لعدم الطول وخوف العنت ، ويحل له نكاح هذه الكافرة ، ولأنها كتابية ، فالنكاح جائز قولا واحدا : لأنه لم يشترط وصفا فوجد خلافه ، فأما الخيار ، فقد قال تزوجها بغير شرط فظنها على صفة فكانت بخلافها الشافعي في نكاح الأمة : إنه لا خيار له في فسخه ، وقال في نكاح الكتابية أن له الخيار في فسخه ، فاختلف أصحابنا على طريقين :
أحدهما : نقل جواب كل واحدة من المسألتين إلى الأخرى ، وتخريجهما على قولين :
أحدهما : لا خيار له في فسخ نكاح الأمة والكتابية على ما نص عليه : لأن الكتابية أحسن حالا من الأمة التي يسترق ولدها .
والقول الثاني : أن له الخيار في فسخ نكاح الأمة والكتابية ، على ما نص عليه في الكتابية : لأن الأمة أغلظ حالا باسترقاق ولدها .
والطريقة الثانية لأصحابنا أن حملوا جواب كل واحدة من المسألتين على ظاهره ، فلم يجعلوا له في نكاح الأمة خيارا ، وجعلوا له في نكاح الكتابية خيارا ، وفرقوا بينهما بأن لأهل الذمة خيارا يميزون به عن المسلمين ، فإذا خالفوا صار غرورا ، فثبت الخيار في نكاحهم ، وليس للمملوكين خيار يتميزون به فلزمهم غرور يثبت به الخيار في مناكحهم ، والله أعلم .