مسألة : قال الشافعي : " وإن ، خيرن حين يسلمن : لأنهن اخترن ولا خيار لهن " . لم يتقدم إسلامهن قبل إسلامه فاخترن فراقه أو المقام معه ثم أسلمن
قال الماوردي : وصورتها في ، فهذا على ثلاثة أقسام : عبد تزوج في الشرك بأربع زوجات إماء ودخل بهن ثم أسلم قبلهن وأعتقهن في شركهن
أحدها : أن يخترن فسخ النكاح .
والثاني : أن يخترن المقام على النكاح .
والثالث : أن يمسكن ، فلا يخترن فسخا ولا مقاما .
فأما القسم الأول : وهو أن يعجلن في الشرك فسخ النكاح ، فقد نقل المزني عن الشافعي أنه قال : " فاخترن فراقه ، أو المقام معه ، ثم أسلمن خيرن حين يسلمن " فجمع بين اختيار الفرقة ، واختيار المقام في إبطال حكمهما قبل الإسلام ، فدل الظاهر على أن ليس لهن أن يخترن فسخ النكاح قبل إسلامهن ، فاختلف أصحابنا فيه على وجهين .
وهو قول أبي الطيب بن سلمة : أن الجواب على ظاهره ، وأنهن إذا أعتقن في الشرك لم يكن لهن اختيار الفسخ حتى يجتمع إسلامهن مع إسلام الزوج ، ولو أعتقن بعد تقدم إسلامهن كان لهن اختيار الفسخ قبل أن يجتمع إسلامهن مع إسلام الزوج ، وفرق بينهما بأنه إذا تقدم إسلامهن لم يقدرن على تعجيل اجتماع الإسلامين ، فكان لهم تعجيل الفسخ ليستفدن قصور إحدى العدتين ، وإذا تقدم إسلام الزوج قدرن بتعجيل إسلامهن على اجتماع الإسلامين ، فلم يستفدن بتعجيل الفسخ قبل الإسلام ما لا يقدرن عليه بعد الإسلام ، فعلى هذا يكون اختيارهن الفسخ قبل إسلامهن بإطلاق ، ولهن إذا أسلمن في عددهن يخترن الفسخ أو المقام .
والوجه الثاني - وهو قول أبي إسحاق المروزي وجمهور أصحابنا - : أنهن يملكن في الشرك اختيار الفسخ ، كما ملكنه في الإسلام : لأنهن قد ملكن بالعتق اختيار الفسخ ، فكان تقديمه - وهن جاريات - في الفسخ أولى ، وتأخيره إلى خروجهن من الفسخ : لأن الفسخ لا ينافي الفسخ ، ولمن قال بهذا الوجه ، فيما نقله المزني تأويلان :
أحدهما : أنه غلط من المزني في روايته أو من الكاتب في نقله : لأن الشافعي قد ذكر [ ص: 276 ] هذه المسألة فيما نقله الربيع في كتاب " الأم " فقال : ولو ، خيرن حين يسلمن ، ولم يذكر إذا اخترن فراقه فيها ، وإنما غلط اعتقن قبل إسلامهن ، فاخترن المقام معه ثم أسلمن المزني أو الكاتب في النقل ، فقال : فاخترن فراقه ، أو المقام معه ، وهذا تأويل أبي إسحاق المروزي .
والثاني : أن النقل صحيح ، وأن الشافعي ذكر اختيار الفرقة واختيار المقام ، ثم عطف بالجواب على اختيار المقام دون الفرقة : لأنه قد قدم حكم اختيارهن للفرقة ، وأفرد هاهنا حكم اختيارهن للمقام ، ومن عادة الشافعي أن يجمع بين المسألتين ويعطف بالجواب المرسل على أحدهما ، ويجعل جواب الأخرى محمولا على ما عرف من مذهبه أو تقدم من جوابه ، وهذا تأويل أشار إليه أبو علي الطبري في كتاب " الإفصاح " فعلى هذا الوجه يكون اختيارهن الفسخ معتبرا بإسلامهن ، فإن أسلمن في عددهن وقعت الفرقة بفسخهن ، ويستأنفن عدد حرائر من وقت فسخهن ، وإن لم يسلمن حتى انقضت عددهن وقعت الفرقة باختلاف الدين ، وبطل حكم الفسخ بالعتق لوقوع الفرقة قبله ، وفي عددهن قولان :
أحدهما : عدد إماء اعتبارا بالابتداء .
والثاني : عدد حرائر اعتبارا بالانتهاء .