الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            مسألة : قال الشافعي : " وإن قطع من ذكره فبقي منه ما يقع موقع الجماع " .

                                                                                                                                            قال الماوردي : أما إن كان مقطوع الذكر بأسره ، فهو المجبوب ، ولها الخيار في فرقتها من غير تأجيل : لأن جماعه مأيوس منه فلم يكن للتأجيل معنى ينتظره ، فإن رضيت لجبه ، ثم سألت أن يؤجل للعنة لم يجز لاستحالة الوطء مع الجب الذي يقع به الرضا . وإن كان بعض ذكره مقطوعا فعلى ثلاثة أضرب :

                                                                                                                                            أحدها : أن يكون الباقي منه دون قدر الحشفة لا يقدر على إيلاجه ، فهذا كالمجبوب ، ولها الخيار في الحال من غير تأجيل .

                                                                                                                                            والضرب الثاني : أن يبقى منه قدر الحشفة ويقدر على إيلاجه ، فعنه قولان :

                                                                                                                                            أحدهما : أنه ليس بعيب في الحال : لأنه يقدر على إيلاجه ، فجرى مجرى الذكر إلا أن يقترن به عنة فيؤجل لها أجل العنة .

                                                                                                                                            والقول الثاني : أنه عيب في الحال وإن يكن معه عنة : لنقص الاستمتاع عن حال الذكر السليم ، فإن رضيت بقطعه وأرادت تأجيل العنة أجل .

                                                                                                                                            والضرب الثالث : ألا يعلم قدر باقيه هل يكون قدر الحشفة إن انتشر فيقدر على إيلاجه ، أو يكون أقل فلا يقدر على إيلاجه ، فقد اختلف أصحابنا فيه على وجهين :

                                                                                                                                            أحدهما - وهو قول أبي إسحاق المروزي - : أنه يجري عليه حكم أكثر الأمرين ، فالباقي منه قدر الحشفة ، استصحابا ، بالحالة الأولى ، ولا يكون لها الخيار في أصح القولين عاجلا ، إلا أن يؤجل لها أجل العنة ، كالضرب الثاني .

                                                                                                                                            والوجه الثاني - وهو قول أبي علي بن أبي هريرة - : أنه يجري عليه حكم أقل الأمرين ، وأن الباقي منه ، أقل من قدر الحشفة ، فيكون لها الخيار في الحال : تغليبا لحكم القطع دون العنة كالضرب الأول .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية