الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 423 ] حديث : { سورة تشفع لقائلها وهي ثلاثون آية وهي : { تبارك الذي بيده الملك } } ، أحمد والأربعة وابن حبان والحاكم من رواية أبي هريرة ، وأعله البخاري في التاريخ الكبير بأن عباسا الجشمي لا يعرف سماعه من أبي هريرة ، ولكن ذكره ابن حبان في الثقات ، وله شاهد من حديث ثابت عن أنس ، رواه الطبراني في الكبير بإسناد صحيح .

351 - ( 22 ) - حديث ابن عمر : { صليت خلف النبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكر ، وعمر ، فكانوا يجهرون ببسم الله الرحمن الرحيم } ، وعن علي وابن عباس : { أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يجهر بها في الصلاة بين السورتين } ، أما حديث ابن عمر فرواه الدارقطني من طريق ابن أبي ذئب عن نافع عنه به ، وفيه أبو الطاهر أحمد بن عيسى العلوي ، وقد كذبه أبو حاتم وغيره ، ومن دونه أيضا ضعيف ومجهول ، ورواه الخطيب في الجهر من وجه آخر عن ابن عمر ، وفيه : عبادة بن زياد الأسدي ، وهو ضعيف ، وفيه مسلم بن حبان ، وهو مجهول ، قال : { إنه صلى ابن عمر فجهر بها في السورتين ، وذكر أنه صلى خلف النبي صلى الله عليه وسلم ، وأبي بكر ، وعمر فكانوا يجهرون بها في السورتين } ، والصواب أن ذلك عن ابن عمر غير مرفوع ، وأما حديث علي : فرواه الدارقطني أيضا من حديث جابر الجعفي عن أبي الطفيل عن علي ، [ ص: 424 ] وعمار : { أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يجهر في المكتوبات ببسم الله الرحمن الرحيم } ، وفي لفظ له مثله ، ولم يقل : في المكتوبات . وفيه عمرو بن شمر ، وهو متروك ، وجابر اتهموه بالكذب أيضا ، وله طريق أخرى عن علي أخرجها الحاكم في المستدرك ، لكن فيها عبد الرحمن بن سعد المؤذن ، وقد ضعفه ابن معين ، قال البيهقي : إسناده ضعيف إلا أنه أمثل من طريق جابر الجعفي ، ورواه الدارقطني من وجهين عن علي من طريق أهل البيت ، وهو بين ضعيف ومجهول ، وأما حديث ابن عباس فرواه الترمذي حدثنا أحمد بن عبدة الضبي ، ثنا المعتمر بن سليمان ، حدثني إسماعيل بن حماد ، عن أبي خالد عنه ، قال : { كان النبي صلى الله عليه وسلم يفتتح صلاته ببسم الله الرحمن الرحيم }. قال الترمذي : ليس إسناده بذاك ، وقال أبو داود : حديث ضعيف ، وقال البزار : إسماعيل لم يكن بالقوي ، وقال العقيلي : غير محفوظ ، وأبو خالد مجهول وقال أبو زرعة ، لا أعرف من هو وقال البزار وابن حبان : هو الوالبي . وقيل : لا يصح ذلك . وله طريق أخرى رواها الحاكم من طريق عبد الله بن عمرو بن حسان عن شريك عن سالم عن سعيد بن جبير عن ابن عباس بلفظ : { كان يجهر في الصلاة } ، وصححه وأخطأ في ذلك . فإن عبد الله نسبه ابن المديني إلى وضع الحديث ، وقد سرقه أبو الصلت الهروي ، وهو متروك ، فرواه عن عباد بن العوام عن شريك . أخرجه الدارقطني ، ورواه إسحاق بن راهويه في مسنده عن يحيى بن آدم عن شريك ، فلم يذكر ابن عباس في إسناده ، بل أرسله وهو الصواب من هذا الوجه .

وروى الدارقطني والطبراني من طريق أحمد بن محمد بن يحيى بن حمزة ، حدثني أبي عن أبيه ، قال : صلى بنا أمير المؤمنين المهدي المغرب ، فجهر بالبسملة ، فقلت : ما هذا ؟ فقال : حدثني أبي عن أبيه عن جده ، عن [ ص: 425 ] ابن عباس : { أن النبي صلى الله عليه وسلم جهر ببسم الله الرحمن الرحيم }.

( تنبيه ) ليس في هذه الطرق كلها زيادة كون ذلك بين السورتين ، نعم روى الدارقطني من طريق ابن جريج عن عطاء عن ابن عباس : { أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يزل يجهر في السورتين ببسم الله الرحمن الرحيم }. وفي إسناده عمر بن حفص المكي وهو ضعيف ، وأخرجه أيضا من طريق أحمد بن رشد بن خثيم عن عمه سعيد بن خثيم عن الثوري عن عاصم عن سعيد بن جبير عن ابن عباس . وأحمد ضعيف جدا ، وعمر ضعيف .

قوله : { كان صلى الله عليه وسلم يوالي في قراءة الفاتحة } ، وقال : { صلوا كما رأيتموني أصلي }أما حديث الموالاة فلم أره صريحا ، ولعله أخذ من حديث أم سلمة ، { وكان يقطع قراءته آية آية } ، وقد نازع ابن دقيق العيد في استدلال الفقهاء بهذا الحديث على وجوب جميع أفعاله ، أي { صلوا كما رأيتموني أصلي }لأن هذا الخطاب وقع لمالك بن الحويرث وأصحابه ، فلا يتم الاستدلال به ، إلا فيما ثبت من فعله حال هذا الأمر ، أما ما لم يثبت فلا ، وأما الثاني فتقدم في الأذان .

حديث : { لا صلاة إلا بفاتحة الكتاب }تقدم قريبا .

حديث : { أنه عد الفاتحة سبع آيات } ، تقدم من حديث أبي هريرة في سياق البيهقي من طريق سعد بن عبد الحميد بن جعفر ، وروي أيضا من طريق سعيد المقبري عن أبي سعيد مرفوعا نحوه ، وفيه : إسحاق بن عبد الواحد الموصلي ، وهو متروك .

وروى الحاكم من طريق ابن جريج : أخبرني أبي : أن سعيد بن جبير أخبره في قوله تعالى: { ولقد آتيناك سبعا من المثاني والقرآن العظيم }قال : هي أم القرآن ، وقرأ سعيد بن جبير : بسم الله الرحمن الرحيم الآية السابعة ، قال [ ص: 426 ] ابن جبير : قرأها علي عبد الله بن عباس كما قرأتها ، قال ابن عباس : فأخرجها الله لكم ما أخرجها لأحد قبلكم ، وإسناده صحيح .

التالي السابق


الخدمات العلمية