الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
1740 الأصل

[ 1478 ] أبنا الربيع، أبنا الشافعي، أبنا عبد الوهاب الثقفي، عن حميد، عن أنس قال: سار رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى خيبر فانتهى إليها ليلا، [ ص: 102 ] وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا طرق قوما لم يغر عليهم حتى يصبح؛ فإن سمع أذانا أمسك، وإن لم يكونوا يصلون أغار عليهم [حين] يصبح فلما أصبح ركب وركب المسلمون، وخرج أهل القرية ومعهم مكاتلهم ومساحيهم، فلما رأوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قالوا: محمد والخميس.

فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "الله أكبر خربت خيبر، إنا إذا نزلنا بساحة قوم فساء صباح المنذرين".

قال أنس: وإني لردف لأبي طلحة وإن قدمي لتمس قدم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
.

التالي السابق


الشرح

صحيح أخرجه البخاري عن قتيبة عن إسماعيل بن جعفر عن حميد، وعن القعنبي عن مالك عن حميد، ومسلم من طرق عن أنس.

وطرقه: أتاه ليلا، والخميس: الجيش؛ سمي خميسا لأنه مقسوم على خمسة: المقدمة والساقة والميمنة والميسرة والقلب، وقيل: لأنهم يخمسون الغنائم، فعلى الأول هو فعيل بمعنى مفعول، وعلى الثاني: فعل بمعنى فاعل.

وذكر الشافعي أن ترك الإغارة بالليل لم يكن لتحريمها بالليل، بل هي جائزة ليلا ونهارا، وهي جائزة والقوم غارون على ما سبق، ولكنه يمتنع عن الإغارة ليلا في الغالب احتياطا لئلا يؤتوا من حيث لا يشعرون ليبصروا من يغيرون ويقتلون؛ خوفا من أن يصيب بعض [ ص: 103 ] المسلمين بعضا، وفيه أن الأذان شعار الدين وفي إظهاره حقن الدماء وعصمة الأموال، وفي بعض الروايات: لم [يغر] عليهم حتى يصبح فينظر؛ فإن سمع أذانا كف عنهم، وإن لم يسمع أذانا أغار عليهم".

وقوله: "فلما أصبح ركب وركب المسلمون"، أي: أصبح ولم يسمع أذانا، كذلك هو في بعض الروايات.

وقوله: "ومعهم مكاتلهم ومساحيهم" أي: خرجوا لعمارة الأرضين ومعهم [.. ..] العمارة، والمقصود أنهم كانوا غازين.

وقوله: "الله أكبر" أصل في التكبير عند لقاء العدو.

وقوله: "خربت خيبر" يجوز أن يعد دعاء، ويجوز أن يجعل خبرا لقرب حالها من الخراب؛ إما لأنه أوحي إليه بذلك، أو على سبيل حسن الظن بنصرة الله تعالى إياهم.

وفيه أنه لا بأس [بالإرداف] وأنهم كانوا قد يدنون من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على رعايتهم شرط التعظيم؛ إما للمباسطة أو للازدحام الذي يقع في السير.




الخدمات العلمية