الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
125 [ 1841 ] أبنا الربيع قال: قال الشافعي: أبنا ابن علية، عن عوف، عن سيار بن سلامة أبي المنهال، عن أبي برزة الأسلمي " أنه سمعه يصف صلاة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: كان يصلي الصبح ثم ينصرف وما يعرف الرجل منا جليسه، وكان يقرأ بالستين إلى المائة" [ ص: 356 ] .

التالي السابق


الشرح

عوف: هو ابن أبي جميلة بندويه، أبو سهيل، أو أبو عبد الله يعرف بالأعرابي، يعد في البصريين.

وسمع: أبا رجاء العطاردي، والحسن، ومحمد بن سيرين، وسيار بن سلامة، والنضر بن شميل.

مات سنة ست وأربعين ومائة .

وسيار: هو ابن سلامة أبو المنهال الرياحي.

سمع: أبا برزة الأسلمي.

وروى عنه: شعبة، وخالد الحذاء، وسليمان التيمي، وحماد بن سلمة .

وحديث عائشة من رواية مالك ومن رواية سفيان مذكوران من قبل في الكتاب هذا في موضع وذاك في موضع آخر.

وحديث أبي برزة صحيح مودع في الكتابين ، إلا أن قوله: "وما يعرف الرجل منا جليسه" يخالف ما في الروايات الصحيحة وتمام الحديث على ما رواه البخاري ومسلم من طرق عن سيار بن سلامة أنه قال: "دخلت أنا وأبي على أبي برزة الأسلمي، فقال له أبي: كيف كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصلى المكتوبة؟ [ ص: 357 ] فقال: كان يصلي الهجير التي تدعونها الأولى حين تدحض الشمس، ويصلي العصر ثم يرجع أحدنا إلى رحل في أقصى المدينة والشمس حية، ونسيت ما قال في المغرب، وكان يستحب أن يؤخر العشاء التي تدعونها العتمة، وكان يكره النوم قبلها والحديث بعدها، وكان ينفتل من صلاة الغداة حين يعرف الرجل جليسه، ويقرأ الستين إلى المائة".

وقوله: "يصلي الهجير" أي: الظهر؛ سماها هجيرا لأنها تؤدى في الهاجرة.

وتدحض الشمس أي: تزول، يقال: دحضت رجله في الوحل أي [زلقت] .

وحياة الشمس: بقاء قوتها في الحرة والإضاءة.

وكره أكثر العلماء النوم قبل العشاء، ورخص جماعة [فيه] ومن هؤلاء من خصص الترخيص برمضان، ولم يكره الأكثرون الحديث بعدها خاصة فيما لا بد منه.

وقوله: "وكان ينفتل من صلاة الغداة حين يعرف الرجل جليسه" هو الذي يعتمد في الروايات، قال الحافظ البيهقي: والشافعي إنما أورد الحديث في كتاب اختلاف علي وعبد الله، وذلك الكتاب لم يسمع منه ولم يقرأ عليه فربما وقع في الكتاب غلط .

وقوله: "ويقرأ بالستين إلى المائة" يبين استحباب إطالة القراءة في [ ص: 358 ] صلاة الصبح، ويتجه به أنه كان انفتاله حين يعرف الرجل جليسه وإن كان الشروع في الصلاة بغلس، ولا يخالف هذا حديث عائشة رضي الله عنها "أن النساء كن ينصرفن فلا يعرفن من الغلس" ؛ لأن السنة للإمام أن يمكث بعد السلام للذكر والدعاء، ولتنصرف النساء فلا يختلطن بالرجال فيتأخر انصرافه عن انصرافهن بزمان صالح، وأيضا فإن الغلس الذي يمنع من معرفة النساء وهن بعيدات عن الرجال ومتلفعات بالمروط لا يلزم أن يمنع من معرفة الجليس.




الخدمات العلمية