الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( و ) في حلفه لا يكلمه ( الدهر أو الأبد ) هو ( العمر ) أي مدة حياة الحالف عند عدم النية ( ودهر ) منكر ( لم يدر وقالا هو كالحين ) وغير خاف أنه إذا لم يرد عن الإمام شيء في مسألة وجب الإفتاء بقولهما وفي السراج توقف الإمام في أربع عشرة مسألة [ ص: 801 ] ونقل لا أدري عن الأئمة بل عن النبي صلى الله عليه وسلم وعن جبريل أيضا ( الأيام وأيام كثيرة والشهور والسنون ) والجمع والأزمنة والأحايين والدهور ( عشرة ) من كل صنف لأنه أكثر ما يذكر بلفظ الجمع ، ففي لا يكلمه الأزمنة خمس سنين [ ص: 802 ] ( ومنكرها ثلاثة ) لأنه أقل الجمع ما لم يوصف بالكثرة كما مر .

التالي السابق


( قوله أو الأبد ) أي معرفا أو منكرا بقرينة قصر التفصيل على الدهر ( قوله هو العمر ) أشار إلى أنه لو قال - لا أكلمه العمر فهو على الأبد عند عدم النية ، ولو نكره فعن الثاني على يوم ، وعنه على ستة أشهر كالحين وهو الظاهر نهر عن السراج ( قوله عند عدم النية ) أما إذا نوى شيئا فتعمل نيته أفاده ط ( قوله لم يدر ) أي توقف فيه أبو حنيفة وقال لا أدري ما هو . قال في الاختيار : لأنه لا عرف فيه فيتبع واللغات لا تعرف قياسا والدلائل فيه متعارضة فتوقف فيه . وروى أبو يوسف عنه أن دهرا والدهر سواء وهذا عند عدم النية ، فإن كان له نية فعلى ما نوى ا هـ : أي لو نوى مقدارا من الزمان عمل به اتفاقا فتح . فإن قيل ذكر في الجامع الكبير : أجمعوا فيمن قال إن كلمته دهورا أو شهورا أو سنينا أو جمعا أو أياما يقع على ثلاثة من هذه المذكورات . قلنا : هذا تفريع لمسألة الدهر على قول من يعرف الدهر كما فرع مسائل المزارعة على قول من يرى جوازها قاله ابن الضياء شرنبلالية .

قلت : والأحسن ما أجاب به في الفتح أن قوله إنه على ثلاثة ليس فيه تعيين معناه أنه ما هو .

مطلب المسائل التي توقف فيها الإمام

( قوله توقف الإمام في أربع عشرة مسألة ) منها لفظ دهر ، ومنها الدابة التي لا تأكل إلا الجلة ، وقيل التي أكثر غذائها . متى يطيب لحمها ؟ فروي تحبس ثلاثة أيام وقيل سبعة ومنها الكلب متى يصير معلما ففوضه للمبتلى ، وعنه وهو قوله بترك الأكل ثلاثا ، ومنها وقت الختان روي عشر سنين أو سبع ، وعليه مشى المصنف آخر المتن ، [ ص: 801 ] وقيل : أقصاه اثنا عشر ومنها : الخنثى المشكل إذا بال من فرجيه . وقالا يعتبر الأكثر ومنها سؤر الحمار والتوقف في طهوريته لا في طهارته ومنها : هل الملائكة أفضل من الأنبياء ؟ ومر في الصلاة أن خواص البشر أفضل ، ومنها أطفال المشركين وقال محمد : لا يعذب الله أحدا بلا ذنب ومر في الجنائز ومنها نقش جدار المسجد من ماله ومر أنه يجوز لو خيف عليه من ظالم أو كان منقوشا زمن الواقف أو لإصلاح الجدار .

وفي الشرنبلالية أنه نظمها شيخ الإسلام ابن أبي شريف بقوله : حمل الإمام أبا حنيفة دينه أن قال لا أدري لتسعة أسئله أطفال أهل الشرك أين محلهم
وهل الملائكة الكرام مفضله أم أنبياء الله ثم اللحم من
جلالة أنى يطيب الأكل له والدهر مع وقت الختان وكلبهم
وصف المعلم أي وقت حصله والحكم في الخنثى إذا ما بال من
فرجيه مع سؤر الحمار استشكله وأجائز نقش الجدار لمسجد
من وقفه أم لم يجز أن يفعله ا هـ قلت : وألحقت بها بيتا آخر فقلت : ويزاد عاشرة هل الجني يثا
ب بطاعة كالإنس يوم المسأله ( قوله بل عن النبي صلى الله عليه وسلم وعن جبريل أيضا ) في الكرماني ( { سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أفضل البقاع فقال : لا أدري حتى أسأل جبريل فسأله فقال : لا أدري حتى أسأل ربي فقال عز وجل : خير البقاع المساجد ، وخير أهلها أولهم دخولا وآخرهم خروجا } ) وفي الحقائق : أنه تنبه لكل مفت أن لا يستنكف من التوقف فيما لا وقوف له عليه إذ المجازفة افتراء على الله تعالى بتحريم الحلال وضده كذا في القهستاني ، وقال الغزالي في الإحياء : وقال صلى الله عليه وسلم { ما أدري أعزير نبي أم لا وما أدري أتبع ملعون أم لا وما أدري أذو القرنين نبي أم لا } . ا هـ . ح وهذا قبل أن يطلعه الله تعالى على أمرهم وقد أخبر عليه الصلاة والسلام بأن تبعا مؤمن ط .

( قوله والجمع ) معناه أنه إذا حلف لا يكلمه الجمع يترك كلامه عشرة أيام ، كل يوم هو يوم الجمعة لا أنه يترك كلامه عشرة أسابيع كما قد يتوهم ، وهذا حيث لا نية له فإن نوى الأسابيع هو بخلاف جمعة مفردا كقوله علي صوم جمعة إذا نوى الأسبوع أو لم ينو يلزمه صوم الأسبوع بحكم غلبة الاستعمال يقال لم أرك منذ جمعة أفاده في البحر ( قوله عشرة من كل صنف ) هذا عنده وقال في الأيام ، وأيام كثيرة سبعة والشهور اثنا عشر وما عداها للأبد والأصل فيه أنه لتعريف العهد لو ثم معهود ، وإلا فللجنس فإذا كان للجنس فإما أن ينصرف إلى أدناه " أو إلى الكل لا ما بينهما فهما يقولان وجد العهد في الأيام والشهور لأن الأيام تدور على سبعة والشهور على اثني عشر ، فيصرف إليه وفي غيرهما لم يوجد فيستغرق العمر ويقول إن أكثر ما يطلق عليه اسم الجمع عشرة وأقله ثلاثة ، فإذا دخلت عليه أل استغرق الجمع وهو العشرة لأن الكل من الأقل بمنزلة العام من الخاص والأصل في العام العموم فحملنا عليه زيلعي ( قوله لأنه أكثر ما يذكر بلفظ الجمع ) يعني أن العشرة أقصى ما عهد مستعملا فيه لفظ الجمع على اليقين لأنه يقال ثلاثة رجال وأربعة رجال إلى عشرة رجال فإذا جاوز العشرة ذهب الجمع فيقال أحد عشر رجلا إلخ عن البحر ( قوله خمس سنين ) لأن كل زمان ستة أشهر عند عدم النية فتح [ ص: 802 ] قوله ومنكرها ) أي منكر هذه الألفاظ ( قوله كما مر ) أي في أيام كثيرة ويقاس عليها غيرها ط

.



الخدمات العلمية