ذكر والخليفة البساسيري ابتداء الوحشة بين
في شهر رمضان من هذه السنة ابتدأت الوحشة بين الخليفة . والبساسيري
[ ص: 119 ] وسبب ذلك أن أبا الغنائم وأبا سعد ابني المحلبان صاحبي قريش بن بدران ، وصلا إلى بغداذ سرا ، فامتعض من ذلك ، وقال : هؤلاء وصاحبهم كبسوا حلل أصحابي ، ونهبوا ، وفتحوا البثوق ، وأسرفوا في إهلاك الناس . وأراد أخذهم فلم يمكن منهم ، فمضى إلى البساسيري حربى وعاد ولم يقصد دار الخلافة على عادته ، فنسب ذلك إلى رئيس الرؤساء .
واجتازت به سفينة لبعض أقارب رئيس الرؤساء ، فمنعها وطالب بالضريبة التي عليها ، وأسقط مشاهرات الخليفة من دار الضرب ، وكذلك مشاهرات رئيس الرؤساء ، وحواشي الدار ، وأراد هدم دور بني المحلبان ، فمنع منه ، فقال : ما أشكو إلا من رئيس الرؤساء الذي قد خرب البلاد ، وأطمع الغز وكاتبهم .
ودام ذلك إلى ذي الحجة ، فسار إلى البساسيري الأنبار ، وأحرق ناحيتي دما ، والفلوجة ، وكان أبو الغنائم بن المحلبان بالأنبار قد أتاها من بغداذ ، وورد نور الدولة دبيس إلى ، معاونا له على حصرها ، ونصب البساسيري عليها المجانيق ، فهدم برجا ، ورماهم بالنفط ، فأحرق أشياء كان قد أعدها أهل البلد لقتاله ، ودخلها قهرا ، فأسر مائة نفس من البساسيري بني خفاجة ، وأسر أبا الغنائم بن المحلبان ، فأخذ وقد ألقى نفسه في الفرات ، ونهب الأنبار ، وأسر من أهلها خمسمائة رجل ، وعاد إلى بغداذ وبين يديه أبو الغنائم على جمل ، وعليه قميص أحمر ، وعلى رأسه برنس ، وفي رجليه قيد ، وأراد صلبه وصلب من معه من الأسرى ، فسأله نور الدولة أن يؤخر ذلك حتى يعود ، وأتى إلى مقابل التاج ، فقبل الأرض ، وعاد إلى منزله ، وترك البساسيري أبا الغنائم لم يصلبه ، وصلب جماعة من الأسرى ، فكان هذا أول الوحشة .