في هذه السنة ، منتصف رجب ، قبض على الوزير سديد الملك أبي المعالي ، وزير الخليفة ، وحبس في دار بدار الخليفة ، وكان أهله قد وردوا عليه من أصبهان ، فنقلوا إليه ، وكان محبسه جميلا .
وسبب عزله جهله بقواعد ديوان الخلافة ، فإنه قضى عمره في أعمال السلاطين ، وليس لهم هذه القواعد ، ولما قبض عاد أمين الدولة بن الموصلايا إلى النظر في الديوان .
ومن عجب ما جرى من الكلام الذي وقع بعد أيام أن سديد الملك كان يسكن في دار عميد الدولة بن جهير ، وجلس فيها مجلسا عاما يحضره الناس لوعظ المؤيد عيسى الغزنوي ، فأنشدوا أبياتا ارتجلها :
سديد الملك سدت ، وخضت بحرا عميق اللج ، فاحفظ فيه روحك وأحي معالم الخيرات ، واجعل
لسان الصدق في الدنيا فتوحك وفي الماضين معتبر ، فأسرج
مروحك في السلامة ، أو جموحك
ثم قال سديد الملك : من شرب من مرقة السلطان احترقت شفتاه ، ولو بعد زمان ، ثم أشار إلى الدار وقرأ : وسكنتم في مساكن الذين ظلموا أنفسهم وتبين لكم كيف فعلنا بهم ، فقبض على الوزير بعد أيام .