الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

من مرتكزات الخطاب الدعوي في التبليغ والتطبيق

الأستاذ / عبد الله الزبير عبد الرحمن

خاتمـة

وبعد :

فهذه -كما أرى- هـي أهم المرتكزات التي ينطلق منها خطاب المسلم، داعيا إلى الحق، مرشدا مبينا الانفتاحية، والتيسير، والتدرج بمراعاتها عند التبليغ والتطبيق تنضج الدعوة، وتستقيم، وتقوى وتنتصر.

فالانفتاحية أصل ينبني عليه الخطاب الدعوي للمسلم وغير المسلم،ويسير على متنها الدعاة مبلغين وممارسين، ولا معنى في الدعوة إلى الله لحجر البلاغ عن فئة أو فئات أو عينة من الناس، أو الانغلاق على نخية أو صفوة من أهل التدين،وإنما الحق الصحيح أن ينفتح الخطاب على الأمة بل الأمم، كما ينبغي أن لا ينتهج الهجر إلا في حدود ضيقة، فلا يتخذ أصلا، ولا يعتبر إلا بشروط وضوابط وبرعاية مقاصد الشرع فيه، ومنها.

1- التحقق من وجود ما يوجب الحسبة.

2- التحقق من بلوغ الحجة.

3- السبق بمراتب الإنكار، من الوعظ والتعريف والنصح، والترغيب [ ص: 162 ] والترهيب بالله عز وجل .

4- أن لا يفوت الهجر مصلحة راجحة، أو يجلب مفسدة راجحة.

5- التفريق بين البدع المسوغة للهجر وغيرها، فالبدع ليست على مرتبة واحدة، وأهل البدع ليسوا سواء، منهم المستتر ببدعته، ومنهم المجاهر بها، ومنهم المتبع المقلد في بدعته، ومنهم المعتقد بها والداعي إليها.

6- أن يحقق الهجر المقاصد الشرعية من زجر المبتدع، ورجوع العامة عن مثل حاله واتباعه، وصيانة السنة من شوائب البدع، وغير ذلك من الضوابط والمقاصد [1] .

أما التيسير، فمرتكز معروف لقارئ القرآن، إذ يجد أصوله مبثوثة في آيات الكتاب، إرشادا وتوجيها وتنبيها لمكانه في الدعوة والممارسة، وهداية للدعاة لو يرتكز خطابهم عليه، يغلب الإباحة على التحريم، ويقر بالرخص في محالها، ويقدم الترغيب والتبشير على الترهيب والإنذار.

ولا بد عند تنزيل المبادئ إلى أرض الواقع، من مراعاة التدرج، فيمرحل التطبيق بالنظر إلى حال الناس، وواقعهم، فيؤجل ما لا يضر بالدعوة في الحين، ويؤثر في مسيرها، ويستثنى بعض الفئات أفرادا [ ص: 163 ] وجماعات وحالات وأقاليم، كل ذلك يوازن فيه بين المصالح والمفاسد، وبين المحال والمقدور، وبين الشاق والميسور، وغير ذلك من الفقه المطلوب في التبليغ والتطبيق.

نسأل الله تعالى أن ينفع بهذه الأوراق، ويسد بها ثغرة للدعاة، وينفي الحرج عنهم، ويتقبلها في صالحات الأعمال.

اللهم اجعل عملي كله صالحا، واجعله لوجهك خالصا، ولا تجعل لأحد فيه شيئا.

وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه.. والحمد لله رب العالمين. [ ص: 164 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية