الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

من مرتكزات الخطاب الدعوي في التبليغ والتطبيق

الأستاذ / عبد الله الزبير عبد الرحمن

خطاب القدوة لا ينافي البراء

وقد يظن بعضهم أن في إعطاء القدوة ومعاملة غير المسلم بالبر والقسط والعدل، وبالتزام الحق ولو على النفس، منافاة للبراء الذي يجب أن يكون بين المسلم وغير المسلم، وأن فيه موالاة لهم، وهذا غير صحيح، إذ التزام الحق مع الناس، ومعاشرتهم بالبر والقسط والعدل، هـو نداء الإسلام في كل حين، ولم يقصد الإسلام يوما ما أن تقوم الحياة كلها بين المسلم وغيره على العداء المستمر، والقتال الدائم، وتجهم الوجوه، وسوء المعاملة، وفظاظة العشرة، وفحش الكلام، وبذاءة القول، والظلم والتظالم.. لا، لم يقصد الإسلام إلى ذلك، إذ الأصل في حياة الناس: السلم، وطيب المعاشرة، والعدل، والإنصاف، والبر، والإصلاح، وحسن المقال، وبهذا نادى القرآن، يقول تعالى: ( وقولوا للناس حسنا ) (البقرة: 83) .. ويقول أيضا: ( وقل لعبادي يقولوا التي هـي أحسن إن الشيطان ينزغ بينهم إن الشيطان كان للإنسان عدوا مبينا ) (الإسراء: 53) .

ولما قدمت أم أسماء بنت أبي بكر الصديق رضي الله عنه إليها في المدينة ، وهي مشركة وهي راغبة في صلة ابنتها، ( فجاءت أسماء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم تسأله عن صلتها، فقال لها: نعم، صلي أمك، فأنزل الله تعالى: ( لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم ) (الممتحنة: 8 ) . [ ص: 75 ]

وأكثر أهل التأويل والتفسير على أن هـذه الآية محكمة، باقية أحكامها إلى يوم الدين، وهو ما اختاره الطبري والقرطبي والشافعي في أحكام القرآن وغيرهم.

إذن، فليس محظورا ولا ممنوعا، ولا من الموادة والموالاة، أن تبر غير المسلم المسالم،وأن تقسط وتعدل في عشرته ومعاملته وأن تنصفه فيما له من حقوق على المسلمين.

التالي السابق


الخدمات العلمية