الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
معلومات الكتاب

الفكر المنهجي عند المحدثين

الدكتور / همام عبد الرحيم سعيد

تفاوت الصحابة رضي الله عنهم في رواية الأحاديث

ولقد تفاوت الصحابة رضي الله عنهم في الرواية عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بين مكثر ومقل، ومرجع هـذا التفاوت إلى أحد الأمور التالية:

1- تقدم إسلام الصحابي أو تأخره، فالمتقدم في إسلامه تكون فرصة الرواية عنده أكبر.

2- تقدم وفاة الصحابي أو تأخرها، فالذين تقدمت وفاتهم في عهد النبي صلى الله عليه وسلم لا يروى عنهم الشيء الكثير، ومن تأخرت وفاته حتى احتاج الناس إلى الرواية عنه لا بد أن تكثر رواياته، فجابر بن عبد الله رضي الله عنه تأخرت وفاته (ت74هـ) ، والذين لقيهم من التابعين كانوا على شغف بمعرفة سنة نبيهم صلى الله عليه وسلم والصحابة الذين بين ظهرانيهم قلة، فحملهم هـذا الشغف وقلة الصحابة على الاستكثار من الرواية عنه.

3 - تفرغ الصحابي لمجالسة النبي صلى الله عليه وسلم ومتابعته، أو عدم تفرغه لذلك، إذ أن أكثر الصحابة كانوا أصحاب تجارة أو زراعة، وكانوا أصحاب جهاد وسرايا، بينما تفرغ قليل منهم لملازمة النبي صلى الله عليه وسلم ومتابعته، كأبي هـريرة ، وعبد الله بن عمر ، وأنس بن مالك ، وعائشة رضي الله عنهم أجمعين.

4- ولا ريب أن الصحابة متفاوتون في حفظهم وقدرتهم على التذكر، [ ص: 35 ] فمنهم الحافظ ومنهم غير الحافظ، فلا عجب أن نجد منهم من يحفظ الألوف كأبي هـريرة بينما لا يحفظ بعضهم إلا الآحاد أو العشرات، فهذا أمير المؤمنين عمر بن الخطاب يصف حال الصحابة من حفظ الحديث " فيقول: قام فينا النبي صلى الله عليه وسلم مقاما فأخبرنا عن بدء الخلق، حتى دخل أهل الجنة منازلهم وأهل النار منازلهم، حفظ ذلك من حفظه، ونسيه من نسيه " [1] . وهذا " حذيفة - رضي الله عنه - يقول: (قام فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم مقاما فما ترك شيئا يكون في مقامه ذلك إلى قيام الساعة إلا حدثه، حفظه من حفظه، ونسيه من نسيه، قد علمه أصحابه هـؤلاء، وإنه ليكون منه الشيء قد نسيته، فأراه فأذكره كما يذكر الرجل وجه الرجل إذا غاب عنه، ثم إذا رآه عرفه " [2]

التالي السابق


الخدمات العلمية