الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
5111 - أخبرنا أبو زكريا، وأبو بكر، وأبو سعيد، وعبد الرحمن بن محمد السراج، قالوا: حدثنا أبو العباس، قال الشافعي قال: أخبرنا إبراهيم بن محمد، عن عبد الله بن طلحة بن كريز، عن الحسن، عن عبد الله بن مغفل أو معقل، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : [ ص: 407 ] "إذا أدركتكم الصلاة، وأنتم بأمراح الغنم فصلوا فيها، فإنها سكينة، وبركة، وإذا أدركتكم الصلاة وأنتم في أعطان الإبل فاخرجوا منها، فصلوا، فإنها جن، من جن خلقت، ألا ترونها إذا نفرت كيف تشمخ بأنفها".

5112 - قال أحمد: هذا الشك أظنه من جهة الربيع وهو ابن مغفل، بالغين والفاء، بلا شك.

5113 - ورواه يونس بن عبيد، وغيره، عن الحسن، عن عبد الله بن مغفل المزني مختصرا.

5114 - قال الشافعي في رواية أبي سعيد: وبهذا نأخذ.

5115 - ثم ساق الكلام في ذكر معناه، إلى أن قال: فالمراح: ما طابت تربته، واستعلت أرضه، واستندى من مهب الشمال موضعه.

5116 - والعطن: قرب البئر التي تستقي بها، يكون البئر في موضع، والحوض قريبا منها، فيصيب فيه، فيملأ، فتسقى الإبل، ثم تنحى عن البئر شيئا، حتى تجد الواردة موضعا، فذلك العطن، ليس أن العطن مراح الإبل، الذي تبيت فيه بعينه، ولا المراح مراح الغنم الذي تبيت فيه دون ما قاربه.

5117 - وفي وقول النبي صلى الله عليه وسلم: "لا تصلوا في أعطان الإبل، فإنها جن، من جن خلقت"، دليل على أنه إنما نهى عنها، كما قال حين نام عن الصلاة: "اخرجوا بنا من هذا الوادي، فإنه واد به شيطان"، فكره أن يصلي قرب شيطان، وكذلك كره أن يصلي، قرب الإبل؛ لأنها خلقت من جن، لا لنجاسة موضعها .

[ ص: 408 ] 5118 - وقال في الغنم: "هي من دواب الجنة"، فأمر أن يصلى في مراحها.

5119 - يعني والله أعلم: في الموضع الذي يقع عليه اسم مراحها الذي لا بعر ولا بول فيه.

5120 - ثم ساق الكلام إلى أن قال: "وأكره له الصلاة في أعطان الإبل"، وإن لم يكن فيها قذر، لنهي النبي صلى الله عليه وسلم.

5121 - فإن صلى أجزأه، لأن النبي صلى الله عليه وسلم صلى، فمر به شيطان، فخنقه، حتى وجد برد لسانه على يده، ولم يفسد ذلك صلاته.

5122 - وفي هذا دليل على أن نهيه أن يصلى في أعطان الإبل، لأنها جن كقوله: "اخرجوا بنا من هذا الوادي، فإنه واد به شيطان" اختيار.

5123 - ثم ساق الكلام إلى أن قال: مع أن الإبل نفسها، إنما تعمد في البروك إلى أدقع مكان تجده، وأوسخه، وليس ما كان هذا من مواضع الاختيار في النظافة للمصليات.

5124 - قال الشافعي: هذا الإسناد في الإملاء.

5125 - وقد يذهب الناس إلى الإبل يستترون بها قضاء لحاجتهم من الغائط، ويستر البعير من دنا منه، وليس ذلك في الشاة، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: "جعلت لي الأرض مسجدا، وطهورا"، فعلمنا أنه إنما أراد منها ما لا نجاسة فيه .

[ ص: 409 ] 5126 - قال أحمد: أما حديث الوادي، فقد مضى في مسألة قضاء الفائتة.

5127 - وكذلك حديث أبي هريرة، وغيره في خنق الشيطان.

5128 - وأما قوله في الغنم: "هي من دواب الجنة"، فقد روينا عن الوليد بن رباح، وأبي زرعة، عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم.

5129 - ورواه حمد بن مالك، عن أبي هريرة، من قوله موقوفا، وروي عنه مرفوعا، والموقوف أصح.

التالي السابق


الخدمات العلمية