الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
3688 - وأخبرنا عمر بن عبد العزيز بن عمر بن قتادة قال: أخبرنا إسماعيل بن بجيد السلمي قال: حدثنا محمد بن إبراهيم قال: حدثنا ابن بكير قال: حدثنا مالك، عن نافع، أن عبد الله بن عمر، كان يتشهد، فيقول: "بسم الله، التحيات لله، الصلوات لله، الزاكيات لله، السلام على النبي ورحمة الله وبركاته، السلام علينا، وعلى عباد الله الصالحين، شهدت أن لا إله إلا الله، شهدت أن محمدا رسول الله" يقول هذا: في الركعتين الأوليين، ويدعو، إذا قضى تشهده بما بدا له، فإذا جلس في آخر صلاته، تشهد كذلك أيضا، إلا أنه يقدم التشهد، ثم يدعو بما بدا له، فإذا قضى تشهده، وأراد أن يسلم قال: "السلام على النبي ورحمة الله وبركاته، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، السلام عليكم، عن يمينه، ثم يرد على الإمام، فإن سلم عليه أحد عن يساره، رد عليه".

3689 - وأخبرنا أبو زكريا قال: أخبرنا أبو الحسن الطرائفي قال: حدثنا عثمان بن سعيد قال: حدثنا يحيى بن بكير، فذكره بإسناده مثله، غير أنه قال: "بسم الله، التحيات لله، الصلوات لله الزاكيات لله" وقال: "عن يمينه".

3690 - قال الشيخ أحمد: وقد روي فيه عن ابن عمر، وعن عائشة، مرفوعا إلى النبي صلى الله عليه وسلم، يخالف كل واحد منهما، ما روينا عنهما.

3691 - أخبرنا أبو سعيد قال: حدثنا أبو العباس قال: أخبرنا الربيع قال: حدثنا الشافعي، رحمه الله عقيب ما حكينا عنه، غير أن ذلك كله اختلاف في زيادة حرف، أو نقصه، أو لفظ حرف بغير ما تلفظ به في الحديث الآخر [ ص: 61 ] ، فهي تحمل أن يقع عليها اسم اختلاف في الألفاظ، ولا يقع عليها في شيء من المعنى، لأنها كلمة جامعة، إنما أريد بها تعظيم الله، والصلاة على نبيه صلى الله عليه وسلم.

3692 - قال: ولا أحسب اختلافهم في روايتها، إلا أن اللفظ قد يختلف، إذا تعلم بالحفظ، فيحفظ الرجل الكلمة على المعنى دون لفظ المعلم، ويحفظ الآخر على المعنى، واللفظ، ويسقط الآخر الكلمة، فلعل هذا أن يكون كان منهم في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، فأجازه لهم، لأنه ذكر كله، لا يختلف في المعنى، ثم جعل مثال ذلك أجازته لهم، قراءة القرآن على سبعة أحرف.

3693 - واحتج في موضع آخر بما أخبرناه أبو عبد الله الحافظ، وأبو بكر، وأبو زكريا، قالوا: حدثنا أبو العباس قال: أخبرنا الربيع قال: أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا مالك، عن ابن شهاب، عن عروة بن الزبير، عن عبد الرحمن بن عبد القاري قال: سمعت عمر بن الخطاب يقول: سمعت هشام بن حكيم بن حزام، يقرأ سورة الفرقان على غير ما أقرؤها، وكان النبي صلى الله عليه وسلم أقرأنيها، فكدت أن أعجل عليه، ثم أمهلته، حتى انصرف، ثم لببته بردائه، فجئت به إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقلت: يا رسول الله إني سمعت هذا يقرأ سورة الفرقان على غير ما أقرأتنيها، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: "اقرأ" فقرأ القراءة، التي سمعته يقرأ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "هكذا أنزلت" ثم قال لي: "اقرأ" فقرأت، فقال: "هكذا أنزلت، إن هذا القرآن أنزل على سبعة أحرف، فاقرؤوا ما تيسر منه" [ ص: 62 ] أخرجاه في الصحيح، من حديث مالك.

3694 - قال الشافعي في رواية أبي سعيد: وإذا جاز أن يكون هذا في القرآن، ما لم يختلف فيه المعنى، كان في الذكر أجوز، ولعل هذا أن يكون ما أثبتوا من حفظهم، عن النبي صلى الله عليه وسلم لفظا، أو معنى، فرأوه واسعا، فأدوه: اللفظ لفظ، والمعنى معنى.

3695 - وقد روى بعض التابعين، أنه لقي نفرا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، فاختلفوا عليه في الحديث في اللفظ، واجتمعوا في المعنى، فسأل عن ذلك، فقيل: لا بأس بذلك، ما لم يحول المعنى من حلال، إلى حرام، أو حرام إلى حلال .

[ ص: 63 ] 3696 - ولعل من روى تشهده، لا يعزيه إلى النبي صلى الله عليه وسلم، إنما توسعوا في هذا المعنى، وكذا حفظوا، فروى كل واحد منهم ما حفظ، ونحن نزعم أن كل واحد من هذا التشهد يجزئ، ونزعم أنه لا يجوز ترك التشهد.

3697 - واحتج في رواية موسى بن أبي الجارود بما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم، أنه قال لابن مسعود حين علمه التشهد: "فإذا فعلت ذلك، فقد تمت صلاتك".

التالي السابق


الخدمات العلمية