[ ترك الباقي من الواجبات لنظر ( نظام الملك ) ]
546 - وقد كنت رأيت أن أعرض على الرأي السامي من مهمات الدين والدنيا أمورا ، ثم بدا لي أن أجمع أطراف الكلام . ومولانا أمتع الله ببقائه أهل الإسلام أخبر بمبالغ الإمكان ، في هذا الزمان .
547 - وقد لاح بمضمون ما رددته من الإيضاح والبيان ، ما إلى مولانا عليه ، في حكم الإيمان ، فإن رأى بينه وبين المليك الديان بلوغه فيما تطوقه غاية الاستمكان ، فليس فوق ذلك منصب مرتقب ، من القربات ومكان ، وإن فات مبلغ الإيثار والاقتدار حالة ، لا يرى دفعها ، فلا يكلف الله نفسا إلا وسعها ، وإن تكن الأخرى ، فمولانا بالنظر في مغبات العواقب أحرى .
548 - وقد قال المصطفى في أثناء خطبته : " " وقد عظم والله الخطر لمقام مستقل في الإسلام ، من حكمه باتفاق علماء الأنام أنه لو مات على [ ص: 384 ] ضفة كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته الفرات مضرور ، أو ضاع على شاطئ الجيحون مقرور ، أو تصور في أطراف خطة الإسلام مكروب مغموم .
أو تلوى في منقطع المملكة مضطهد مهموم أو جأر إلى الله تعالى مظلوم ، أو بات تحت الضر خاو ، أو مات على الجوع والضياع طاو ، فهو المسئول عنها ، والمطالب بها في مشهد يوم عظيم ، " يوم لا ينفع مال ولا بنون . إلا من أتى الله بقلب سليم " .
549 - وفي الجملة ففضل الله تعالى على مولانا عميم ، والخطر في الاستقلال بالشكر عظيم ، والرب تعالى رؤوف رحيم .
550 - ومع هذا فمن سوغ لمولانا فقد غشه بإجماع أهل الإسلام ، وفارق مأخذ الأحكام . الإحجام عن مطالعة مصالح الأنام
وقد مضى هذا مقررا على الكمال والتمام .
وقد نجز منتهى الغرض من هذا المرام ، وبعون الله آخذ في القسم الثالث .