الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
        صفحة جزء
        204 - فمن الأحكام المظنونة ، أن الإمام لو عهد إلى ولده ، أو والده ، ففيه اختلاف العلماء ، فمنهم من لم يصحح العقد بتوليته ، فإن ذلك يتضمن تزكية المولي وشهادته باستجماع خصال الكمال والاتصاف بالخصال التي ترعى في المنصب الأعلى ، فإذا كان لا يقبل شهادة أحدهما للثاني في أمر نزر يسير ، وخطب حقير ، فلأن لا تقبل في أعلى المراتب وأرفع المناصب أولى .

        205 - ومنهم من صحح العقد والعهد ، وزكى الإمام عن ارتقاب التهم ، والصفات المعتبرة في الإمامة مشهورة غير منكورة ، ولا يفرض عقد الإمامة إلا في حق من لهج بمعاليه ، وطيب [ ص: 138 ] خطة الإسلام بمناقبه ومساعيه ، ومن انتهى في صفاته وسماته إلى التفرد والتوحد عن طبقات الخلائق ، بالرقي إلى الذروة العليا في الفضائل ، وحميد الطرائق ، لم يكن ظهور تخصصه بالمزايا التي فضل بها البرايا مفتقرا إلى تزكية مزك ، وإطراء مطر .

        ولو اشتهر رجل بصفة العدالة ، واستقامة الحالة ، فشهد أبوه على شهادته قبلت الشهادة ; فإن عدالة الأصل المشهود على شهادته لا تتوقف بثبوتها على بناء الفرع في الشهادة ، ولو أمن مسلم ابنه الكافر ، صح أمانه ، فإن عقد الأمان لا يترتب على مباحثة في الصفات ، وفحص عن تفاصيل الحالات .

        206 - فالظاهر عندي تصحيح تولية العهد من الوالد لولده ، [ إذا ثبت بقول غير المولي استجماع المولي للشرائط المرعية [ ص: 139 ] فيه ] ولكن المسألة مظنونة ، ليس لها مستند قطعي ، ولم أر التمسك بما جرى من العهود من الخلفاء إلى بنيهم ; لأن الخلافة بعد منقرض الأربعة الراشدين شابتها شوائب الاستيلاء والاستعلاء ، وأضحى الحق المحض في الإمامة مرفوضا ، وصارت الإمامة ملكا عضوضا .

        التالي السابق


        الخدمات العلمية