الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            فصل : [ الشرط الخامس : المال ]

                                                                                                                                            وأما الشرط الخامس : وهو المال : فلقوله صلى الله عليه وسلم : تنكح المرأة لأربع : لمالها .

                                                                                                                                            ولما روي عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال : إن أحساب أهل الدنيا هذا المال .

                                                                                                                                            وقد قيل في تأويل قوله تعالى : وإنه لحب الخير لشديد [ العاديات : 8 ] . يعني [ ص: 106 ] المال ، وإذا كان كذلك فإن كانوا من أهل الأمصار الذين يتفاخرون ويتكاثرون بالأموال دون الأنساب ، فالمال فيهم معتبر في شرط الكفاءة ، وإن كانوا من البوادي وعشائر القرى يتفاخرون ويتكاثرون بالأنساب دون الأموال ، ففي اعتبار المال في شرط الكفاءة بينهم وجهان :

                                                                                                                                            أحدهما : أنه شرط معتبر كأهل الأمصار ، لما فيه من القدرة على أمور الدنيا .

                                                                                                                                            والوجه الثاني : أنه ليس بشرط معتبر : لأنه يزول فيفتقر الغني ويستغني الفقير ، وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : خير الناس مؤمن فقير يعطي جهده يعني مقلا ليس له إلا ما يزهد فيه لقلته .

                                                                                                                                            وروي عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال : خير أمتي الذين لم يوسع عليهم حتى يبطروا ، ولم يقتر عليهم حتى يسألوا ثم إذا جعل المال شرطا في الكفاءة ليس التماثل في قدره معتبرا حتى لا يتكافأ من ملك ألف دينار إلا من ملك مثلها ، ولكن أن يكونا موصوفين بالغنى فيصيرا كفئين ، وإن كان أحدهما أكثر مالا ، ولا يعتبر فيه أيضا التماثل في أجناس المال بل إذا كان مال أحدهما دنانير ، ومال الآخر عقارا أو عروضا كانا كفئين .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية