الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
إلى أن المسير؟

تحديث الدولة هدف الإنسان، وكذا النظام السياسي، في عالمنا العربي والإسلامي، وكان الأمل أن يتم ذلك دون خسائر ولكن الذي حدث أننا فرطنا بالقيم الإسلامية، والتحديث لم يأت كما يرادـ فلم تصبح الدولة عقلانية، ولا تقلص استبدادها، بل صارت غولا يخيف الناس.. لقد "ظهرت العقلنة العربية كوسيلة لاستبعاد الجماعة عن السلطة، وأداة لتحديث وتقنية الدولة الاستبدادية، وقتل الروح الجماعية، والتفريط بالقيم الروحية والإنسانية.

وبقدر ما أصبحت الدولة عقلانية، وتمكنت من فرض التبعية المطلقة على الجماعة، جعلت من سيادتها محصلة لفقدان جميع الأفراد سيادتهم وحريتهم، لذا بدل أن يحصل هنا تقدم باتجاه استقلال الأخلاق عن الدين، واستنادها للعقل، حصل في الواقع انتكاس، من نموذج الأخلاق الدينية إلى نموذج الأخلاق البدائية التي تتجسد من خلال التماهي مع زعيم قائد ملهم، يشكل الولاء له، والإيمان به، مصدر كل سيادة، ومنبع الحق والأخلاق، كما أصبح صنع القائد المقدس، الذي يملأ على الناس حياتهم، وينيرها بكل الشموس، هو محور الفعل الأخلاقي وجوهره. [ ص: 137 ]

باختصار لم تعن العقلنة عندنا تجديد ميتافيزيقيا الأخلاق وإحياءها بقدر ما عنت التضحية بها لصالح ما اتفق على أنه التقدم العلمي، وما ظهر فيما بعد على أنه السلطة الجديدة.. ولعل هذا ما يفسر المصير المأساوي الذي لاقته فكرة العلمانية ذاتها، فبعد أن كانت تقضي بالفصل بين الدولة والكنيسة، وتحرير السلطة من العقيدة التي تحرمها من ممارسة العدالة والمساواة، تجاه جميع أعضاء الجماعة، أصبحت العلمانية تعني تمسك الدولة بالسلطة بدين أو بمذهب سياسي، وحرمان المجتمع من أي دين ... " [1] .

أراد البعض عندنا أن يهرب من الدين وقيمه ومحرماته، فسقط في أحضان الظلم والطغيان.

التالي السابق


الخدمات العلمية