الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صورة المجتمع سأرسم صورة المجتمع كفر بالأخلاق الدينية، فالناس فيه، أو لنقل جلهم، يتعاطى الكذب، ويمارس الغش، ويتجسس على أخيه ووطنه، يسرق الأموال والأعراض، يعتبر الرشوة من الحقوق المكتسبة، والسلب والنهب شجاعة، يهجم على المحرمات دون خوف ولا حياء، يرفع شعار (الحلال ما حل باليد) ، يجود ويحسن في مظهره، بينما باطنه خراب في خراب، يقتل بالأجرة، ويشهد كذبا وزورا، ينافق للقوي، ويستأسد على الضعيف، ثقافته كلمات يلوكها، وعلمه يدور كله حول المنفعة، وأخلاقه كلها تدور حول خدمة نفسه، إنه بذلك يتحول إلى مجتمع "خنازيري" متقدم جدا جدا!

وأختم هذه الصورة بقول الشاعر:


لولا المشقة ساد الناس كلهم الجود يفقر والإقدام قتال



فإذا كانت الأخلاق تقوم على المنفعة، فإن "الأنا" ستكون كل شيء، [ ص: 145 ] وستصير الحياة أكثر صعوبة ومشقة، ويشتد الصراع ويعظم، فلا يكون للفقير ولا للضعيف مكان.

إن الأديان تعلم الناس الإحسان، كما تعلمهم العطف، حتى على الحيوان، وكلما ضعف الدين قوي الإنسان واستأسد، وحل السلطان محل الله تعالى، وأراد من الناس السمع والطاعة وكفى.

فاللهم سدد خطانا، وألهمنا الصبر والصواب، ومحبة الخلق، وعشق الحق، وكره الظلم والظالمين، والاستبداد والمستبدين، والنفاق والمنافقين، والكذب والكذابين، والزور والمزورين.. اللهم اجعلنا هداة مهتدين، ولا تجعلنا ضالين مضلين، يا رب العالمين..

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين. [ ص: 146 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية