الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
قوله ( ويوضئه ) الصحيح من المذهب : أن وضوءه مستحب لا واجب ، وعليه أكثر الأصحاب ، لقيام موجبه ، وهو زوال عقله ، وقيل : واجب ، وهو ظاهر كلام القاضي في موضع من تعليقه ، وابن الزاغوني قوله ( ويضرب السدر ، فيغسل برغوته رأسه ولحيته ) بلا نزاع ، وقوله ( وسائر بدنه ) هو اختيار المصنف ، وجماعة من الأصحاب ، وهو الذي ذكره ابن هبيرة عن الإمام أحمد وجزم به في مجمع البحرين ، وشرح ابن منجا . والصحيح من المذهب : أنه لا يغسل برغوة السدر إلا رأسه ولحيته فقط ، واقتصر عليه في المحرر ، والوجيز ، وغيرهما . وقدمه في الفروع ، والفائق واختاره أبو الخطاب وغيره ، وإذا ضرب السدر وغسل برغوته رأسه ولحيته ، أو رأسه ولحيته وسائر بدنه ، وأراد أن يغسله ، فالصحيح من المذهب : أنه يجعل السدر في كل مرة من الغسلات نص عليه قال المصنف في المغني ، والشارح ، والزركشي : ومنصوص أحمد ، والخرقي [ أن السدر يكون في الغسلات الثلاث . وجزم به الخرقي ] وغيره وقدمه في الفروع وغيره . قال في مجمع البحرين : وهو ظاهر كلام المصنف هنا . لقوله " يفعل ذلك ثلاثا " بعد ذكر السدر وغيره ، ونقل حنبل يجعل السدر في أول مرة اختاره [ ص: 490 ] جماعة منهم أبو الخطاب ، وعنه يجعل السدر في الأولى والثانية ، فيكون في الثالثة الكافور ونقل حنبل أيضا : ثلاثا بسدر ، وآخرها بماء .

وقال بعض الأصحاب : يمرج جسده كل مرة بالسدر ، ثم يصب عليه الماء بعد ذلك ويدلك قال في الفروع : ويمرخ بسدر مضروب أولا ، وأما صفة السدر مع الماء ، فقال الخرقي : يكون في كل المياه شيء من السدر قال في المغني ، والزركشي : هذا المنصوص عن أحمد قال الزركشي : وظاهر كلام الخرقي : لا يشترط كون السدر يسيرا ، ولا يجب الماء القراح بعد ذلك قال : وهو ظاهر كلام أحمد في الأول ونصه في الثاني قال في الفروع ، وقيل : يذر السدر فيه وإن غيره قال في المغني : وذهب كثير من المتأخرين من أصحابنا : أنه لا يترك مع الماء سدر يغيره ثم اختلفوا ، فقال ابن حامد : يطرح في كل الماء شيء يسير من السدر لا يغيره ، وقال : الذي وجدت عليه أصحابنا أنه يكون في الغسلة وزن درهم ونحوه من السدر فإنه إذا كان كثيرا سلبه الطهورية ، وقال القاضي ، وأبو الخطاب ، وطائفة ممن تبعهما : يغسل أول مرة بثقل السدر ، ثم يغسل بعد ذلك بالماء القراح .

فيكون الجميع غسلة واحدة والاعتداد بالآخر دون الأول ، سواء زال السدر أو بقي منه شيء ، وقال الآمدي : لا يعتد بشيء من الغسلات التي فيها السدر في عدد الغسلات .

فائدة : يقوم الخطمي ونحوه مقام السدر قوله ( ثم يغسل شقه الأيمن ثم الأيسر ) هذا الصحيح من المذهب ، وقيل : يبدأ في غسل شقه الأيمن بصفحة عنقه ، ثم بالكتف إلى الرجل ، ثم الأيسر كذلك [ ثم يرفع جانبه الأيمن ويغسل ظهره ووركه وفخذه ، ويفعل بجانبه الأيسر كذلك ] ذكره القاضي ، وهو الذي في [ ص: 491 ] الكافي ، ومختصر ابن تميم ، وغيرهما .

قال في الحواشي : وهو أشبه بفعل الحي ، وقال في الرعاية : وقيل لا يغسل الأيسر قبل إكمال غسل الأيمن فائدة : يقلبه على جنبه مع غسل شقيه ، على الصحيح من المذهب ، وقيل : يقلبه بعد غسلهما . قوله ( يفعل ذلك ثلاثا ) يحتمل أن يكون مراده ذلك مع الوضوء ، وهو أحد الوجهين قال في الفروع : وحكى رواية قال ابن تميم : وعنه يوضئ لكل غسلة واختاره ابن أبي موسى وقدمه في المستوعب ، ويحتمل أن مراده بالتثليث : غير الوضوء ، وهو الوجه الثاني ، وهو المذهب ، نص عليه ، وعليه أكثر الأصحاب فلا يوضئ إلا أول مرة ، إلا أن يخرج منه شيء ، فيعاد وضوءه ، قاله الإمام أحمد رحمه الله فائدة : يكره الاقتصار في غسله على مرة واحدة ، على الصحيح من المذهب وعنه لا يعجبني .

قوله ( ويمر في كل مرة يده ) ، وهو المذهب جزم به ابن منجا في شرحه والوجيز وغيرهما وقدمه في الفروع والفائق ، والرعاية ، وابن تميم ، وغيرهم ، وعنه يفعل ذلك عقب الثانية [ نقله الجماعة عن الإمام أحمد ; لأنه يلين فهو أمكن ، وعنه يفعل ذلك عقب الثالثة ] وقيل : هل يمر يده ثلاثا ، أو مرتين ، أو مرة ؟ فيه ثلاثة أوجه .

التالي السابق


الخدمات العلمية