الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
قوله ( السنة أن يؤم القوم أقرؤهم ) أي لكتاب الله ( ثم أفقهم ) هذا المذهب بلا ريب نص عليه ، وعليه جماهير الأصحاب وقطع به كثير منهم ، وهو من المفردات ، وعنه يقدم الأفقه على الأقرأ ، إن قرأ ما يجزئ في الصلاة اختاره ابن عقيل ، وحكى ابن الزاغوني عن بعض الأصحاب : أنه رأى تقديم الفقيه على القارئ .

فائدتان . إحداهما : يقدم الأقرأ الفقيه على الأفقه القارئ ، على الصحيح من المذهب قدمه في النظم ، وقيل : عكسه فعلى المذهب في أصل المسألة : يقدم الأجود قراءة على الأكثر قرآنا ، على الصحيح من المذهب قدمه في الفروع ، والرعاية ، والفائق ، وتجريد العناية ، والنظم ، وغيرهم وجزم به في الوجيز ، وغيره واختاره المصنف ، والمجد ، والشارح ، وغيرهم ، وقيل : يقدم أكثرهم قرآنا اختاره صاحب روضة الفقه ، الثانية : من شرط تقديم الأقرأ حيث قلنا به أن يكون عالما فقه صلاته فقط حافظا للفاتحة ، وقيل : يشترط مع ذلك أن يعلم أحكام سجود السهو .

تنبيه : ظاهر كلام المصنف وغيره : لو كان القارئ جاهلا بما يحتاج إليه في الصلاة لكن يأتي بها في العادة صحيحة : أنه يقدم على الفقيه قال الزركشي : هو ظاهر كلام الإمام أحمد ، والخرقي ، والأكثرين ، وهو أحد الوجهين والوجه الثاني : أن الأفقه الحافظ من القرآن ما يجزئه في الصلاة يقدم على ذلك ، وهو المذهب نص عليه ، وهو ظاهر كلامه في الوجيز وجزم به في [ ص: 245 ] المحرر واختاره ابن عقيل ، وحسنه المجد في شرحه قال في مجمع البحرين : وهو أولى وقدمه في الفروع ، والفائق ، وأطلقهما ابن تميم فائدة . قوله ثم أفقههم يعني إذا استويا في القراءة قدم الأفقه ، وكذا لو استويا في الفقه قدم أقرؤهما ، ولو استويا في جودة القراءة قدم أكثرهما قرآنا ، ولو استويا في الكثرة قدم أجودهما ، ولو كان أحد الفقيهين أفقه ، أو أعلم بأحكام الصلاة قدم ، ويقدم قارئ لا يعرف أحكام الصلاة على فقيه أمي . قوله ( ثم أسنهم ) يعني إذا استووا في القراءة والفقه قدم أسنهم ، وهذا المذهب جزم به في الهداية ، والإيضاح ، والمبهج ، والخرقي ، والمذهب ، والمستوعب ، والخلاصة ، والوجيز ، والمنتخب ، والمذهب الأحمد ، وإدراك الغاية واختاره ابن عبدوس في تذكرته .

وصححه ابن الجوزي في المذهب ، ومسبوك الذهب وقدمه في الفروع ، والرعايتين ، والحاويين وظاهر كلام الإمام أحمد : تقديم الأقدم هجرة على الأسن جزم به في الإفادات ، والنظم ، وتجريد العناية ، والمنور وقدمه في الكافي ، والمحرر ، الفائق وصححه الشارح قال الزركشي : اختاره الشيخان وجزم به في النهاية ونظمها وتجريد العناية بتقديم الأقدم إسلاما على الأسن ، وقال ابن حامد : يقدم الأشرف ثم الأقدم هجرة ، ثم الأسن ، عكس ما قال المصنف هنا ، وأطلقهن ابن تميم .

قوله ( ثم أقدمهم هجرة ، ثم أشرفهم ) هذا أحد الوجوه ، حكاه في التلخيص وجزم به في المبهج ، والإيضاح ، والنظم ، والإفادات ، وتجريد العناية ، والمنور ، والمنتخب وقدمه في الفائق واختاره الشيخ تقي الدين ، وابن عبدوس في تذكرته . [ ص: 246 ]

والوجه الثاني : يقدم الأشرف على الأقدم هجرة ، وهو المذهب وجزم به الخرقي ، والهداية والمذهب ، والخلاصة ، والوجيز ، والمذهب الأحمد وقدمه في الفروع ، والمحرر ، والرعايتين ، والحاويين ، واختاره المصنف كما تقدم ، وقيل : يقدم الأتقى على الأشرف ، ولم يقدم الشيخ تقي الدين بالنسب ، ذكره عن أحمد ، وهو ظاهر كلامه في الإيضاح .

فائدة : قيل الأقدم هجرة : من هاجر بنفسه جزم به في الكافي ، والمغني ، والشرح ، وشرح ابن رزين ، وقيل . السبق بآبائه قال الآمدي : الهجرة منقطعة في وقتنا ، وإنما يقدم بها من كان لآبائه سبق ، وقيل : السبق بكل منهما قطع به في مجمع البحرين ، والزركشي وقدمه ابن تميم ، والرعاية الكبرى ، والحاوي الكبير والحواشي ، وأطلقهن في الفروع ، وأما الأشرف فقال في الفروع : والمراد به القرشي ، وقاله المجد ، وهو ظاهر ما قدمه في الرعاية وقدمه الزركشي قال في مجمع البحرين : ومعنى الشرف الأقرب فالأقرب منه عليه أفضل الصلاة والسلام فيقدم العرب على غيرهم ، ثم قريش ، ثم بنو هاشم ، وكذلك أبدا ، وقال ابن تميم : ومعنى الشرف : علو النسب والقدر قاله بعض أصحابنا ، واقتصر عليه قلت : وقطع به المغني ، والكافي ، والشرح ، والفائق ، وغيرهم .

فائدة : السبق بالإسلام كالهجرة ، وقاله في الفروع وغيره قوله ( ثم أتقاهم ) يعني بعد الأسن والأشرف والأقدم هجرة : الأتقى ، وهذا المذهب جزم به في الهداية ، والمذهب ، والمستوعب ، والخلاصة ، والوجيز ، والإفادات ، والرعاية الصغرى ، والحاويين ، والمذهب الأحمد وقدمه في الفروع ، والمغني ، والشرح والرعاية الكبرى وغيرهم ، وقيل : يقدم الأتقى على الأشرف كما تقدم ، وهو [ ص: 247 ] احتمال للمصنف واختاره الشيخ تقي الدين كما تقدم ، وهو الصواب ، وقيل : يقدم الأعمر للمسجد على الأتقى والأورع وجزم به في المبهج ، والإيضاح ، والفصول .

وزاد : أو يفضل على الجماعة المنعقدة قدمه في الرعاية ، وقيل : بل الأعمر للمسجد ، الراعي له ، والمتعاهد لأموره .

التالي السابق


الخدمات العلمية