الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 2786 ) فصل : وإذا شرطا الخيار أبدا ، أو متى شئنا ، أو قال أحدهما : ولي الخيار . ولم يذكر مدته ، أو شرطاه إلى مدة مجهولة ، كقدوم زيد ، أو هبوب ريح ، أو نزول مطر ، أو مشاورة إنسان ، ونحو ذلك ، لم يصح في الصحيح من المذهب . وهذا اختيار القاضي ، وابن عقيل ، ومذهب الشافعي .

                                                                                                                                            وعن أحمد ، أنه يصح ، وهما على خيارهما أبدا ، أو يقطعاه ، أو تنتهي مدته إن كان مشروطا إلى مدة . وهو قول ابن شبرمة ; لقول النبي صلى الله عليه وسلم : { المسلمون على شروطهم } . وقال مالك يصح ، وتضرب لهما مدة يختبر المبيع في مثلها في العادة ; لأن ذلك مقدر في العادة ، فإذا أطلقا ، حمل عليه .

                                                                                                                                            وقال أبو حنيفة : إن أسقطا الشرط قبل مضي الثلاث ، أو حذفا الزائد عليها وبينا مدته ، صح لأنهما حذفا المفسد قبل اتصاله بالعقد ، فوجب أن يصح ، كما لو لم يشرطاه . ولنا ، أنها مدة ملحقة بالعقد ، فلا تجوز مع الجهالة ، كالأجل . ولأن اشتراط الخيار أبدا يقتضي المنع من التصرف على الأبد ، وذلك ينافي مقتضى العقد ، فلم يصح ، كما لو قال : بعتك بشرط أن لا تتصرف . وقول مالك : إنه يرد إلى العادة . لا يصح ، فإنه لا عادة في الخيار يرجع إليها . واشتراطه مع الجهالة نادر .

                                                                                                                                            وقول أبي حنيفة لا يصح ، فإن المفسد هو الشرط ، وهو مقترن بالعقد . ولأن العقد لا يخلو من أن يكون صحيحا ، أو فاسدا ، فإن كان صحيحا مع الشرط ، لم يفسد بوجود ما شرطاه فيه ، وإن كان فاسدا ، لم ينقلب صحيحا ، كما لو باع درهما بدرهمين ، ثم حذف أحدهما . وعلى قولنا : الشرط فاسد . هل يفسد به البيع ؟ على روايتين : إحداهما ، يفسد ، وهو مذهب الشافعي ; لأنه عقد قارنه شرط فاسد ، فأفسده ، كنكاح الشغار ، والمحلل . ولأن البائع إنما رضي ببذله بهذا الثمن ، مع الخيار في استرجاعه ، والمشتري إنما رضي ببذل هذا الثمن فيه ، مع الخيار في فسخه ، فلو صححناه لأزلنا ملك كل واحد منهما عنه بغير رضاه ، وألزمناه ما لم يرض به .

                                                                                                                                            ولأن الشرط يأخذ قسطا من الثمن ، فإذا حذفناه وجب رد ما سقط من الثمن من أجله ، وذلك مجهول ، فيكون الثمن مجهولا ، فيفسد العقد . والثانية ، لا يفسد العقد به ، وهو قول ابن أبي ليلى ; لحديث بريرة . ولأن العقد قد تم بأركانه ، والشرط زائد ، فإذا فسد وزال ، سقط الفاسد ، وبقي العقد بركنيه ، كما لو لم يشترط .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية