الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 2834 ) فصل : ولا يجوز بيع شيء من مال الربا بأصله الذي فيه منه ، كالسمسم بالشيرج ، والزيتون بالزيت ، وسائر الأدهان بأصولها ، والعصير بأصله ، كعصير العنب ، والرمان ، والتفاح ، والسفرجل ، وقصب السكر ، لا يباع شيء منها بأصله . وبه قال الشافعي وابن المنذر .

                                                                                                                                            وقال أبو ثور : يجوز ; لأن الأصل مختلف ، والمعنى مختلف . وقال أبو حنيفة يجوز إذا علم يقينا أن ما في الأصل من الدهن والعصير أقل من المنفرد ، وإن لم يعلم ، لم يجز .

                                                                                                                                            ولنا ، أنه مال ربا بيع بأصله الذي فيه منه ، فلم يجز ، كبيع اللحم بالحيوان ، وقد أثبتنا ذلك بالنص . ( 2835 ) فصل : فأما بيع شيء من هذه المعتصرات بجنسه ، فيجوز متماثلا . ويجوز بيعه بغير جنسه متفاضلا ، وكيف شاء ; لأنهما جنسان ، ويعتبر التساوي فيهما بالكيل ; لأنه يقدر به ويباع به عادة ، وهذا مذهب الشافعي ، وسواء كانا مطبوخين أو نيئين .

                                                                                                                                            وقال أصحاب الشافعي : لا يجوز بيع المطبوخ بجنسه ; لأن النار تعقد أجزاءهما ، فيختلف ويؤدي إلى التفاضل . ولنا ، أنهما متساويان في الحال ، على وجه لا ينفرد أحدهما بالنقص . [ ص: 44 ] فأشبه النيء بالنيء . فأما بيع النيء بالمطبوخ من جنس واحد ، فلا يجوز ; لأن أحدهما ينفرد بالنقص في ثاني الحال ، فلم يجز بيعه به ، كالرطب بالتمر .

                                                                                                                                            وإن باع عصير شيء من ذلك بثفله . فإن كانت فيه بقية من المستخرج منه ، لم يجز بيعه به ، فلا يجوز بيع الشيرج بالكسب ، ولا الزيت بثفله الذي فيه بقية من الزيت ، إلا على الرواية التي يجوز فيها مسألة مد عجوة . فإن لم يبق فيه شيء من عصيره ، جاز بيعه به متفاضلا ، ومتماثلا ; لأنهما جنسان .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية