الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 2779 ) مسألة ; قال : ( والخيار يجوز أكثر من ثلاث ) يعني ثلاث ليال بأيامها . وإنما ذكر الليالي ; لأن التاريخ يغلب فيه التأنيث ، قال الله تعالى : { وواعدنا موسى ثلاثين ليلة وأتممناها بعشر فتم ميقات ربه أربعين ليلة } . وقال تعالى : { يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشرا } .

                                                                                                                                            وفي حديث حبان : { ولك الخيار ثلاثا } . ويجوز اشتراط الخيار ما يتفقان عليه من المدة المعلومة ، قلت مدته أو كثرت ، وبذلك قال أبو يوسف ، ومحمد ، وابن المنذر . وحكي ذلك عن الحسن بن صالح ، والعنبري ، وابن أبي ليلى ، وإسحاق ، وأبي ثور ، وأجازه مالك فيما زاد على الثلاث بقدر الحاجة ، مثل قرية لا يصل إليها في أقل من أربعة أيام ; لأن الخيار لحاجته ، فيقدر بها .

                                                                                                                                            وقال أبو حنيفة ، والشافعي : لا يجوز أكثر من ثلاث ; لما روي عن عمر رضي الله عنه أنه قال : ما أجد لكم أوسع مما جعل رسول الله صلى الله عليه وسلم لحبان ، جعل له الخيار ثلاثة أيام ، إن رضي أخذ ، وإن سخط ترك . ولأن الخيار ينافي مقتضى البيع ; لأنه يمنع الملك واللزوم وإطلاق [ ص: 19 ] التصرف ، وإنما جاز لموضع الحاجة ، فجاز القليل منه ، وآخر حد القلة ثلاث ، قال الله تعالى : { فقال تمتعوا في داركم ثلاثة أيام } بعد قوله : { فيأخذكم عذاب قريب } .

                                                                                                                                            ولنا ، أنه حق يعتمد الشرط ، فرجع في تقديره إلى مشترطه ، كالأجل ، أو نقول : مدة ملحقة بالعقد ، فكانت إلى تقدير المتعاقدين كالأجل . ولا يثبت عندنا ما روي عن عمر رضي الله عنه وقد روي عن أنس خلافه . وتقدير مالك بالحاجة لا يصح ; فإن الحاجة لا يمكن ربط الحكم بها ، لخفائها واختلافها ، وإنما يربط بمظنتها ، وهو الإقدام ، فإنه يصلح أن يكون ضابطا ، وربط الحكم به فيما دون الثلاث وفي السلم والأجل . وقول الآخرين : إنه ينافي مقتضى البيع . لا يصح ; فإن مقتضى البيع نقل الملك ، والخيار لا ينافيه ، وإن سلمنا ذلك ، لكن متى خولف الأصل لمعنى في محل وجب تعدية الحكم ; لتعدي ذلك المعنى .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية