الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 3488 ) فصل : ويصح تدبيره ووصيته ; لأن ذلك محض مصلحته لأنه تقرب إلى الله تعالى بماله بعد غناه عنه . ويصح استيلاده ، وتعتق الأمة المستولدة بموته ; لأنه إذا صح ذلك من المجنون ، فمن السفيه أولى . وله المطالبة بالقصاص ; لأنه موضوع للتشفي والانتقام ، وهو من أهله . وله العفو على مال ; لأنه تحصيل للمال ، لا تضييع له .

                                                                                                                                            وإن عفا على غير مال نظرت ; فإن قلنا : الواجب القصاص عينا . صح عفوه لأنه لم يتضمن تضييع المال . وإن قلنا : أحد الشيئين . لم يصح عفوه عن المال ، ووجب المال ، كما لو سقط القصاص بعفو أحد الشريكين . وإن أحرم بالحج ، صح إحرامه ; لأنه مكلف أحرم بالحج ، أشبه غيره ، ولأن ذلك عبادة ، فصحت منه ، كسائر عباداته . ثم إن كان أحرم بفرض ، دفع إليه النفقة من ماله ليسقط الفرض عن نفسه ، وإن كان تطوعا فكانت نفقته في السفر كنفقته في الحضر ، دفعت إليه ، لأنه لا ضرر في إحرامه .

                                                                                                                                            وإن كانت نفقة السفر أكثر ، فقال : أنا أكتسب تمام نفقتي ، دفعت إليه أيضا ، لأنه لا يضر بماله . وإن لم يكن له كسب ، فلوليه تحليله ; لما فيه من تضييع ماله ، ويتحلل بالصيام كالمعسر ; لأنه ممنوع من التصرف في ماله . ويحتمل أن لا يملك وليه تحليله ، بناء على العبد إذا أحرم بغير إذن سيده . وإن حنث في يمينه ، أو عاد في ظهاره ، أو لزمته كفارة بالقتل أو الوطء في نهار رمضان ، كفر بالصيام لذلك .

                                                                                                                                            وإن أعتق أو أطعم عن ذلك ، لم يجزه . وبهذا قال الشافعي ; لأنه ممنوع من [ ص: 306 ] ماله ، أشبه المفلس . ويتخرج أن يجزئه العتق ، بناء على قولنا بصحته منه . وإن نذر عبادة بدنية ، لزمه فعلها ; لأنه غير محجور عليه في بدنه . وإن نذر صدقة المال ، لم يصح منه ، وكفر بالصيام . وإن فك الحجر عنه قبل تكفيره في هذه المواضع كلها ، لزمه العتق ، إن قدر عليه . ومقتضى قول أصحابنا أنه يلزمه الوفاء بنذره ، بناء على قولهم في من أقر قبل فك الحجر عنه ، ثم فك عنه ، فإنه يلزمه أداؤه ، وإن فك بعد تكفيره ، لم يلزمه شيء ، كما لو كفر عن يمينه بالصيام ثم فك الحجر عنه .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية