الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 3296 ) فصل : ويصح رهن ما يسرع إليه الفساد ، سواء كان مما يمكن إصلاحه بالتجفيف ، كالعنب [ ص: 224 ] والرطب ، أو لا يمكن ، كالبطيخ والطبيخ . ثم إن كان مما يجفف ، فعلى الراهن تجفيفه ; لأنه من مؤنة حفظه وتبقيته ، فلزم الراهن ، كنفقة الحيوان . وإن كان مما لا يجفف ، فإنه يباع ، ويقضي الدين من ثمنه ، إن كان حالا ، أو يحل قبل فساده ، وإن كان لا يحل قبل فساده ، جعل ثمنه مكانه رهنا ، سواء شرط في الرهن بيعه أو أطلق .

                                                                                                                                            وقال أصحاب الشافعي : إن كان مما يفسد قبل محل الدين ، فشرط المرتهن على الراهن بيعه وجعل ثمنه مكانه ، صح . وإن أطلق ، فعلى قولين : أحدهما ، لا يصح ; لأن بيع الرهن قبل حلول الحق لا يقتضيه عقد الرهن ، فلم يجب ، ولم يصح رهنه ، كما لو شرط أن لا يبيعه . وذكر القاضي فيه وجهين ، كالقولين .

                                                                                                                                            ولنا ، أن العرف يقتضي ذلك ; لأن المالك لا يعرض ملكه للتلف والهلاك ، فإذا تعين حفظه في بيعه ، حمل عليه مطلق العقد ، كتجفيف ما يجف ، والإنفاق على الحيوان ، وحرز ما يحتاج إلى حرز . وأما إذا شرط أن لا يباع ، فلا يصح ; لأنه شرط ما يتضمن فساده ، وفوات المقصود ، فأشبه ما لو شرط أن لا يجفف ما يجف ، أو لا ينفق على الحيوان . وإذا ثبت ما ذكرناه ، فإنه إن شرط للمرتهن بيعه ، أو أذن له في بيعه بعد العقد ، أو اتفقا على أن يبيعه الراهن أو غيره ، باعه .

                                                                                                                                            وإن لم يمكن ذلك ، باعه الحاكم ، وجعل ثمنه رهنا ، ولا يقضي الدين من ثمنه ; لأنه ليس له تعجيل وفاء الدين قبل حلوله . وكذلك الحكم إن رهنه ثيابا فخاف تلفها ، أو حيوانا وخاف موته . قال أحمد ، في من رهن ثيابا يخاف فسادها ، كالصوف : أتى السلطان ، فأمره ببيعها .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية