( 2940 ) مسألة ; قال : وإذا ، رجع بها على البائع الكلام في هذه المسألة في فصول ثلاثة : ( 2941 ) الفصل الأول ، أن ما تهلكه الجائحة من الثمار من ضمان البائع . وبهذا قال أكثر أهل اشترى الثمرة دون الأصل ، فتلفت بجائحة من السماء المدينة منهم ، يحيى بن سعيد الأنصاري ، ومالك ، وجماعة من أهل الحديث . وبه قال وأبو عبيد في القديم . الشافعي
وقال ، أبو حنيفة في الجديد : هو من ضمان المشتري ; لما روي ، { والشافعي } متفق عليه ولو كان واجبا لأجبره عليه ; لأن التخلية يتعلق بها جواز التصرف ، فتعلق بها الضمان ، كالنقل والتحويل ، ولأنه لا يضمنه إذا أتلفه آدمي ، كذلك لا يضمنه بإتلاف غيره . أن امرأة أتت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت : إن ابني اشترى ثمرة من فلان ، فأذهبتها الجائحة ، فسألته أن يضع عنه ، فتألى أن لا يفعل . فقال النبي صلى الله عليه وسلم : تألى فلان أن لا يفعل خيرا .
ولنا ما روى ، في " صحيحه " عن مسلم ، { جابر } وعنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بوضع الجوائح . } رواه إن بعت من أخيك ثمرا ، فأصابته جائحة ، فلا يحل لك أن تأخذ منه شيئا ، لم تأخذ مال أخيك بغير حق ؟ مسلم وأبو داود ، ولفظه : { } . من باع ثمرا ، فأصابته جائحة فلا يأخذ من مال أخيه شيئا ، على ما يأخذ أحدكم مال أخيه المسلم ؟
وهذا صريح في الحكم فلا يعدل عنه . قال : لم يثبت عندي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر بوضع الجوائح ، ولو ثبت لم أعده ، ولو كنت قائلا بوضعها لوضعتها في القليل والكثير . قلنا : الحديث ثابت . رواه الأئمة ، منهم : الإمام الشافعي ، أحمد ، ويحيى بن معين ، وغيرهم عن وعلي بن حرب ، عن ابن عيينة حميد الأعرج ، عن سليمان بن عتيق ، عن . ورواه جابر في " صحيحه " مسلم وأبو داود في " سننه " ، وغيرهم . ولا حجة لهم في حديثهم ، فإن فعل الواجب خير ، فإذا تألى أن لا يفعل الواجب ، فقد تألى ألا يفعل خيرا . وابن ماجه
فأما الإجبار ، فلا يفعله النبي صلى الله عليه وسلم بمجرد قول المدعي من غير إقرار من البائع ، ولا حضور . ولأن التخلية ليست بقبض تام ، بدليل ما لو تلفت بعطش عند بعضهم . ولا يلزم من إباحة التصرف تمام القبض ، بدليل المنافع في الإجارة يباح التصرف فيها ، ولو تلفت كانت من ضمان المؤجر ، كذلك الثمرة ، فإنها في شجرها ، كالمنافع قبل استيفائها ، توجد حالا فحالا ، وقياسهم يبطل بالتخلية في الإجارة .
( 2942 ) الفصل الثاني : أن الجائحة كل آفة لا صنع للآدمي فيها ، كالريح ، والبرد ، والجراد ، والعطش ; لما روى الساجي بإسناده ، عن ، { جابر } والجائحة تكون في البرد ، والجراد ، وفي الحبق ، [ ص: 87 ] والسيل ، وفي الريح . وهذا تفسير من الراوي لكلام النبي صلى الله عليه وسلم فيجب الرجوع إليه . أن النبي صلى الله عليه وسلم قضى في الجائحة .
وأما ما كان بفعل آدمي ، فقال : المشتري بالخيار بين فسخ العقد ، ومطالبة البائع بالثمن ، وبين البقاء عليه ، ومطالبة الجاني بالقيمة ; لأنه أمكن الرجوع ببدله ، بخلاف التالف بالجائحة . ( 2943 ) الفصل الثالث : أن ظاهر المذهب ، أنه القاضي ، إلا أن ما جرت العادة بتلف مثله ، كالشيء اليسير الذي لا ينضبط ، فلا يلتفت إليه . قال لا فرق بين قليل الجائحة وكثيرها : إني لا أقول في عشر ثمرات ، ولا عشرين ثمرة ، ولا أدري ما الثلث ، ولكن إذا كانت جائحة تعرف ; الثلث ، أو الربع ، أو الخمس ، توضع . وفيه رواية أخرى ، أن ما كان يعد دون الثلث فهو من ضمان المشتري وهو مذهب أحمد ، مالك في القديم ; لأنه لا بد أن يأكل الطير منها ، وتنثر الريح ، ويسقط منها ، فلم يكن بد من ضابط واحد فاصل بين ذلك وبين الجائحة ، والثلث قد رأينا الشرع اعتبره في مواضع : منها ; الوصية ، وعطايا المريض ، وتساوي جراح المرأة جراح الرجل إلى الثلث . والشافعي
قال : قال الأثرم : إنهم يستعملون الثلث في سبع عشرة مسألة . ولأن الثلث في حد الكثرة ، وما دونه في حد القلة ، بدليل قول النبي صلى الله عليه وسلم في الوصية : ( الثلث ، والثلث كثير ) . فيدل هذا على أنه آخر حد الكثرة ، فلهذا قدر به . أحمد
ووجه الأول ، عموم الأحاديث ، فإن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بوضع الجوائح . وما دون الثلث داخل فيه ، فيجب وضعه . ولأن هذه الثمرة لم يتم قبضها ، فكان ما تلف منها من مال البائع ، وإن كان قليلا ، كالتي على وجه الأرض ، لا يؤثر في العادة ، ولا يسمى جائحة ، فلا يدخل في الخبر ، ولا يمكن التحرز منه ، فهو معلوم الوجود بحكم العادة ، فكأنه مشروط . إذا ثبت هذا ، فإنه إذا وما أكله الطير أو سقط ، وضع من الثمن بقدر الذاهب . فإن تلف شيء له قدر خارج عن العادة ، بطل العقد ، ويرجع المشتري بجميع الثمن . تلف الجميع
وأما على الرواية الأخرى ، فإنه يعتبر ثلث المبلغ ، وقيل : ثلث القيمة . فإن ، رجع بقيمة التالف كله من الثمن ، وإذا تلف الجميع ، أو أكثر من الثلث فالقول قول البائع ; لأن الأصل السلامة . ولأنه غارم ، والقول في الأصول قول الغارم . اختلفا في الجائحة ، أو قدر ما أتلف