الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 3499 ) فصل : وإذا صالحه بخدمة عبده سنة ، صح . وكانت إجارة . وقد ذكرنا ذلك . فإن باع العبد في السنة صح البيع ، ويكون للمشتري مسلوب المنفعة بقية السنة ، وللمستأجر استيفاء منفعته إلى انقضاء مدته ، كما لو زوج أمته ثم باعها .

                                                                                                                                            وإن لم يعلم المشتري بذلك ، فله الفسخ ; لأنه عيب . وإن أعتق العبد في أثناء المدة ، نفذ عتقه ; لأنه مملوكه يصح بيعه ، فصح عتقه لغيره ، وللمصالح أن يستوفي نفعه في المدة ، لأنه أعتقه بعد أن ملك منفعته لغيره ، فأشبه ما لو أعتق الأمة المزوجة لحر . ولا يرجع العبد على سيده بشيء ; لأنه ما زال ملكه بالعتق إلا عن الرقبة ، والمنافع حينئذ مملوكة لغيره ، فلم تتلف منافعه بالعتق ، فلم يرجع بشيء ، وإن أعتقه مسلوب المنفعة ، فلم يرجع بشيء ، كما لو أعتق زمنا أو مقطوع اليدين ، أو أعتق أمة مزوجة ، وذكر القاضي وابن عقيل وجها آخر ، أنه يرجع على سيده بأجر مثله .

                                                                                                                                            وهو قول الشافعي لأن العتق اقتضى إزالة ملكه عن الرقبة والمنفعة جميعا ، فلما لم تحصل المنفعة للعبد هاهنا ، فكأنه حال بينه وبين منفعته . ولنا ، أن إعتاقه لم يصادف للمعتق سوى ملك الرقبة ، فلم يؤثر إلا فيه ، كما لو وصى لرجل برقبة عبد ولآخر بنفعه ، فأعتق صاحب الرقبة ، وكما لو أعتق أمة مزوجة . وقولهم : إنه اقتضى زوال الملك عن المنفعة . قلنا : إنما يقتضي ذلك إذا كانت مملوكة له ، أما إذا كانت مملوكة لغيره فلا يقتضي إعتاقه إزالة ما ليس بموجود وإن تبين أن العبد مستحق ، تبين بطلان الصلح لفساد العوض ، ورجع المدعي فيما أقر له به .

                                                                                                                                            وإن وجد العبد معيبا عيبا تنقص به المنفعة ، فله رده وفسخ الصلح . وإن صالح على العبد بعينه ، صح الصلح ، ويكون بيعا . والحكم فيما إذا خرج مستحقا أو ظهر به عيب ، كما ذكرنا .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية