( الفصل الثاني )
( في الزيادة )
وفي الكتاب : إذا ، لأنه يوم تحقق السبب وهو الأخذ ، وكما لو نقصت لانتقص القيمة ، قال كبرت الصغيرة فأنهدت فعلت قيمتها ثم ماتت ، فإنما عليه قيمة يوم الغصب ابن يونس : كما لو جرح عبدا قيمته مائة فيموت وقيمته ألف ، يضمن مائة ، والأمة تطلق أو يموت زوجها ، ثم تعتق ، لا تنتقل لعدة الوفاة ، والسرقة تعتبر قيمتها يوم السرقة لا يوم القطع .
فرع
في الكتاب : لا يضمن ما مات عنده من الولد إلا أن يقتله ، لأنه أمانة [ ص: 10 ] شرعية ، كالثوب تلقيه الريح في داره ، قال ابن يونس : قيل : إذا اشتراها صغيرة فكبرت لم يضمن ، لأنه خير مما غصبت ، فإن نقصت بكبر ثديها أو شبهه ضمن . قال بعض الفقهاء : انظر كيف لم يجبر النقص بالنماء ، لأنه لما كان له أخذها بنمائها بغير غرم ، فكأنه غصبها كذلك فيضمن نقصها ، وعلى هذا كان يجب عليه قيمتها يوم القتل ، وهو مذهب ( ش ) لأنه يراه غاصبا في كل وقت .
فرع
في الكتاب : لتغير المغصوب أو إعطاء قيمة الصبغ وأخذ الثوب ، لأنه مالك ، والصبغ ماله فينتفي الضرر ، ولا يشتركان نفيا لضرر الشركة . ولو طحن الحنطة ضمن مثلها لتغيرها . وفي التنبيهات عن إذا صبغه خيرت في القيمة يوم الغصب مالك : لا يخير في الصبغ بل قيمة الثوب ، ويلزم على قوله بالتخيير أن يخير في الحنطة يطحنها ، وفي السويق يلته ، وفي الخشبة يعملها مصراعين ، وفي الفضة يصوغها ، مع أنه إنما أفتى بالمثل فقط ، وقاله ابن لبابة . وابن القاسم يقول : لو أجزت له أخذ ذلك ودفع ثمن العمل كان من التفاضل في الطعام والفضة ، وهو لا يلزم لأن الطعام طعامه والفضة فضته ، وقال أشهب : يأخذ شيئه ولا غرم عليه في العمل من طحين وصبغ ، ويتأكد المشهور بأنه عين ماله فله أخذه ، ولأنه لو لم يأخذه لوصل أرباب الأغراض الفاسدة لأموال الناس بتغيرها ، ويعطون القيمة بغير اختيار أربابها . قال ( ح ) : لو طحن الحنطة ملكها وضمن مثلها ، وكذلك الغزل ينسج والدقيق يخبز والقطن يغزل ، قال : والضابط : ، ( متى زال الاسم وعامة المنافع بزيادة من جهته ملك العين لأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أضافه قوم من الأنصار فقدموا إليه شاة مصلية فأخذ منها
[ ص: 11 ] لقيمة فمضغها فلم يسغها ، فقال : أما إن هذه الشاة لتخبرني إنما ذبحت بغير حق ، فقال الرجل : هذه شاة أخي ، ولو كان أعظم منها لم ينفس علي وسأرضيه بخير منها ، فأمر النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يتصدق بها على الأسرى ) ولولا زوال الملك عنها لأمر ببيعها وحفظ ثمنها ، وهو خبر صحيح ، قال : ولك أخذ المغسول والمقصور بغير شيء ، لأنه لم يبق في المقصور عين للغاصب . ولو بيض الدار أعطيت قيمه الجير أو ما زاد التجصيص إلا أن يرضى بأخذ جصه ، قال : وإذا صبغه وزاد الصبغ خيرت في قيمة الثوب للتغير وأخذه ؛ لأنه عين مالك ، ودفع قيمة ما زاد حفظا لمال الغاصب عليه وبين تركه على حاله ، ويكون الصبغ للغاصب ، فإذا بيع قسم الثمن ، وإن نقصه الصبغ خيرت بين القيمة للنقص وأخذه بغير شيء ؛ لأنه عين مالك ، ولا مالية فيه للغاصب . وقال ( ش ) : إن عسر انفكاك الصبغ فأنتما شريكان ، لأن الصبغ عين ، وهذا إذا كان الثوب يساوي عشرة ، وبعد الصبغ يساوي عشرين ، فإن لم يساو إلا عشرة سقط الصبغ ، وأخذت الثوب بغير شيء ، أو أقل من عشرة أخذته مع الأرش ، وإن كان ممكن الانفصال فله أخذه ، ويجبره المالك على ذلك ، وإن نقص الثوب فالأرش ، وقال : إن كان يساوي عشرة وبعد الصبغ عشرين فأنتما شريكان ، أو ثلاثين لزيادة سعر الثوب ، فالزيادة لك ، أو لزيادة للصبغ ، فالزيادة له ، أو لزيادتهما فهي بينهما . ابن حنبل
تمهيد : قال التونسي عن أشهب : يأخذه مصبوغا ولا شيء عليه كالبياض والتزويق ، وما لا قيمة له بعد القلع . وضابط مذهب ابن القاسم : أن ما يوجد له أمثال إذا أحدث فيه حدثا فإن غرم مثله أعدل ، ولا يظلم أحدهما بمقاربة المثل للعين كما يقضى بالمثل في البيوع الفاسدة ، فلذلك جعل في القمح والسويق مثلها ، ولا يأخذ القيمي إلا بعد دفع ما أخرجه الغاصب من ماله ، لأن الصبغ ونحوه [ ص: 12 ] غرض آخر فلا يظلم ، وإن كان ما أخرجه الغاصب من ماله ؛ لأن الصبغ ونحوه غرض آخر فلا يظلم ، وإن كان ما أخرجه الغاصب لا عين له كالخياطة ونحوها أخذه بغير غرم كالبياض والتزويق ، وإن كان الغاصب قد غير تغييرا بعيدا حتى زال الاسم بمؤنة كثيرة كجعل الخشبة أبوابا ، فهو فوت ، وتتعين القيمة ، ولا شيء لك فيها ، ونسج الغزل يجعله كالخشبة تعمل تابوتا ، ويشبه أن يكون كخياطة الثوب ؛ لأنه لا قيمة له إذا أزيل ، قال ابن يونس : قال أشهب : لك أخذ الدقيق ولا شيء عليك في الطحن . وعن ابن القاسم : لو طحنها سويقا فلته فلك أخذ السويق ، ويباع فيشري لك من ثمنه مثل حنطتك ، ويجوز لك أخذ السويق ملتوتا في الحنطة إذا رضيتما لجواز بيع الحنطة بالسويق متفاضلا ، ولو غصب سويقا فلته امتنع التراضي لدخول التفاضل بين الطعامين . وعن أشهب : إذا طحن الحنطة ولتها سويقا ليس لك أخذها لزوال الاسم بسبب البعد ، قال اللخمي : وأرى التخيير بين تضمين القيمة يوم الصبغ ، أو يوم الغصب إن كانت القيمة يوم الصبغ أكثر ، وهو أحد قولي ابن القاسم ، وعن ابن القاسم : ليس للغاصب إلا قيمة ما زاد الصبغ ، وفي المدونة : قيمة الصبغ نفسه ، فإن نقصه الصبغ غرم ما نقص ، وقال : إن نقصه الصبغ غرم النقص ، وإن زاد لم يكن له فيه شيء إلا أن يكون إذا غسل خرج منه شيء له قيمة ، فيخير صاحبه بين إعطاء الثوب بغسله ، أو قيمة ما يخرج منه ، وعلى قول ابن مسلمة عبد الملك : لك أخذه بغير شيء ، إذا كانت النفقة في الصبغ يسيرة ، وإلا أعطاه قيمة ذلك أو ضمنه ، أو يكونان شريكين ، وقول أشهب وابن مسلمة أصوب ، لاتفاقهم في الجص والتزويق أن لا شيء له ، وإن زاد في قيمة الدار كثيرا ، فكذلك الصبغ وإن صبغه المشتري من الغاصب خيرت بين تغريم الغاصب القيمة يوم الغصب أو يوم البيع ، أو يجيز البيع ويأخذ الثمن ، لأنه
[ ص: 13 ] غاصب ، وبائع فضولي ، أو يكون مقالك مع المشتري ، فإن شئت أخذته ودفعت قيمة الصبغ أو تبقى معه شريكا ، وعلى القول الآخر : ما زاد الصبغ ، قال : وهو أحسن وبه يشارك . فإن نقصه الصبغ فاختلف : هل يضمنه قيمة الثوب إذا نقله عن الغرض المراد منه ؟ وقد اختلف في مشتري العبد يقتله خطأ لأنه كالصبغ ، والقتل لم يصن ماله بخلاف اللباس والأكل ، والتضمين في كلا الوجهين أحسن . اختلف في المثلي الربوي كالذهب والقمح ، وغير الربوي كالحديد في أربعة مواضع : هل تغير الغاصب له بصبغه فوت يمنع أخذه ؟ وإذا قلنا : يأخذه ، هل يغرم للصنعة شيئا ؟ وإذا غرم فهل قيمة الصنعة أو ما زادت ؟ وإذا لم يرض أن يغرم الصنعة ولا يضمن هل يكونان شريكين ؟ وفي الموازية : إذا غصب قمحا فباعه فطحنه المشتري ، لصاحبه أخذه ولا غرم عليه للطحن ، وتركه وأخذ مثله من الغاصب أو ثمنه تنفيدا للبيع ، قال محمد : الصواب أن لا شيء له إلا الثمن من الغاصب أو المثل ، فإن كان الغاصب عديما ورجع على المشتري ، لأن غريم الغريم غريم ، خير المشتري بين إعطائك المثل أو يسلمه دقيقا ، لأنه طحن بشبهة بخلاف الغاصب ، ولا يأخذ الدقيق من المشتري إلا بدفع الأجرة بخلاف الغاصب .