الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                السادسة عشرة قال : قال مالك : إذا قلت : نقصت وتداعيتما للسلطان فيقول لك : أنا أسافر فلا تشغلني ، فتركته قال : عندي شيء وإنما قلت ذلك ليلا تشغلني عند السفر ، يغرم لك كل ما حلفت عليه ; لأن اليمين وجبت له عليك بردها عليك ولو قال : دعني أسافر فإن لم يرجع إلى وقت كذا وأنت مصدق مع يمينك لم يلزم ذلك ; لأنه مخاطرة بخلاف الأول ، فرق بين الوجهين مطرف وأصبغ وهو قياس قول ابن القاسم في المدونة في الكفيل يقول : إن لم يأتك غريمك بحقك إلى أجل فأنا ضامن للمال ، لا يلزم ذلك قال ابن عبد الحكم : لا يلزم المستودع أن ذلك رد لليمين ، وإن ذكره على غير وجه الشرط ويحلف ويبرأ ، وإن نكل حلفت وأخذت تمام وديعتك ولو رد اليمين بدون سبب لزم قولا واحدا ، وإنما يختلف إذا نكل ولم يصرح بردها عليك قبل قال : لا أحلف فهل له الحلف بعد ذلك قولان ، وقال ابن سحنون : إنما يصح هذا الجواب إذا كانت الوديعة ببينة أو على رأي من يرى اليمين على المودع فلزمه ذلك ولم يكن له عنده رجوع قال وهو باطل ; لأنه لا خلاف في وجوب اليمين على المودع في دعوى النقصان وإن لم يكن على الوديعة بينة ، ولا أن الغرم يلزمه إذا حلف رب الوديعة إذا كانت عليها بينة .

                                                                                                                السابعة عشرة ، قال : قال ابن القاسم : إذا أودعته عشرة دنانير وبين يديه عشرة فوضعها بإزائها فضاعت خمسة ولم يعلم من أيهما فعليه لك عشرة ، قال : يريد أن عشرة الوديعة التبست ولو علمت لعرف النقص بوجودها ناقصة .

                                                                                                                [ ص: 156 ] قال : وجوابه هذا مبني على أن القليل إذا قال : عندي وديعة لفلان أو لفلان : أنه يغرم لكل واحد مائة ، وعلى القول بأنهما يحلفان ويقسمان المائة إذا ادعيت العشرة الكاملة أخذتها قيل : بيمين وقيل : بغير يمين على الخلاف في يمين التهم ، وإن قلت : لا أدري فمصيبة الذاهب منكما ويقسمان الباقي نصفين بغير يمين وقيل : بعد حلف كل واحد منكما : إنه لا يدري وكذلك إن نكلتما والخلاف في اليمين على الخلاف في يمين التهم .

                                                                                                                الثامنة عشرة ، قال : قال ابن القاسم : إذا أودعك دينارا وعندك عشرة فضاع ديناره ولا يعلم حاله فلك تسعة ويقسمان العاشر نصفين ; لأن التداعي إنما وقع فيه ، وأما التسعة فسلمت لك ، وعن مالك أنه شريك أودعك ثلاثة فضاع اثنان لكان لك ثمانية وله دينار وتقسمان الدينار الباقي بينكما نصفين ولو ضاع ثلاثة لكان لك سبعة وتقسمان الثلاثة الباقية نصفين وعلى قول مالك يقسمان الأحد عشرة إن ضاع اثنان أو العشرة إن ضاع ثلاثة على ثلاثة عشر جاز ، وكذلك إذا تداعى الرجلان شيئا فيقول أحدهما : لي عشرة ، والآخر لي جميعه على هذا الخلاف إذا لم يكن في يد أحدهما أبقا ( كذا ) واختلف إذا كان بيدهما جميعا ، فقيل : يجري على الخلاف بعد أيمانهما لأن استواء الأيدي لعدم الأيدي ، وقيل : يصدق مدعي العشرة مع يمينه ; لأنه حائز النصف فعلى من ادعى عليه أن له الأكثر من النصف إقامة البينة .

                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                الخدمات العلمية