الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                فرع

                                                                                                                في الكتاب : إذا اصطلحتما على الإقرار على عوض باستحقاق رجعت عليه بما أقر به ، إلا أن يفوت بتغيير سوق أو بدن ، فقيمته ، لأن المقر به أحد العوضين ، أو على الإنكار فاستحققت ما بيد المدعى عليه فليرجع في العوض وإن لم يفت ، قال التونسي : قيل : لا يرجع في صلح الإنكار فيما دفع ؛ لأنه بدل لتمر [ ص: 65 ] المخاصمة ، وقد حصل ذلك ، فقيل : يرجع به أو بقيمته في القرب دون البعد ، لأن في البعد فوتا ( . . . ) بقيمتها لولا الصلح ، وإما إذا استحق ما أخذ المدعي رجع بقيمته ، وهذا أصل ( . . . ) الرجوع إلى الخصومات رجوع إلى غرر ، فالرجوع بقيمته ما استحق ( . . . ) كما لا يرجع إلى الدم في العمد ولا إلى العصمة في الخلع ، التي فاتت ، وكذلك يجب في الغرر لو صالحه على خدمة جنانه بشيء واستحق رجع بقيمته لأنهما قد خرجا عن الغرر ، وقيل : يرجعان في الصلح على الإقرار على الخصومة ، قال ابن يونس : قال أشهب : إن استحق ما بيد المدعى عليه بالبينة والحكم رجع على المدعي بما دفع ، وقال الطحاوي : لا يرجع بشيء لأنه أقر للمدعي وإنما أخذ منه ظلما ، وقال : هذا قول أهل المدينة ، وقال ابن اللباد : المعروف من قول أصحابنا إذا استحق ما بيد المدعي في الصلح على الإنكار ، كمدعي دار فيصالح على عبد فيستحق أحدهما ، فعند ابن القاسم : أيهما استحق انتقض الصلح ، فإن استحقت الدار رجع في العبد ، والعبد رجع في دعواه الدار ، ومنع سحنون الأول لأنه دفعه كدفع الخصومة ، وقيل : إن طال الأمر مما يهلك فيه البنيان لم يرجع ، وعن ابن القاسم : إن ادعى سدس دار فصالح بعد الإنكار على شقص استشفع بقيمة المدعى فيه ، فهذا يرجع في الاستحقاق في الدعوى كالبياعات ، وعلى قول سحنون : يستشفع بقيمة السدس ، وقال أصبغ : لا يشفع بشيء . وعلى قول ابن القاسم : إذا استحقت الدار رجع في العبد أحسن ؛ لأن المستحق من يده يقول للمدعي : إن كنت محقا فهو شراء فعليك رد العوض ، أو مبطلا ، أو يقول الآن : إنها داري حرم عليك ما أخذته ، وقال سحنون : إذا استحق العبد أحسن ، لأن الصلح في الغالب ببعض قيمة المدعى فيه ، فلم يجب الرجوع ببعض قيمة الدار ، ولا في الدعوى كالصداق الخلع ودم العمد ، وإن استحق نصف العبد فللمدعي - على أصل ابن

                                                                                                                [ ص: 66 ] القاسم - رد الباقي ، ويرجع على طلبه أو التمسك والد ( كذا ) في المطالبة بنصف الدار ، ثم يخير المدعى عليه في إمضاء الصلح بنصف الدار ، ويقول للمدعى عليه : إن شئت تمسكت بنصف العبد على أن لا شيء لك ، أو يرده ويرجع في الخصومة ، لأني إنما قصدت بالصلح دفع الخصومة ، فإذا كنت تعود إليها تضررت ، وعلى قول سحنون : له الرجوع بنصف قيمة العبد ويرد الباقي بعيب الشركة ويرجع بجميع قيمته ، وهو أقيس .

                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                الخدمات العلمية