الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                تفريع

                                                                                                                في الكتاب : إن مات بعد التعريف صاحب اللقطة أمر الملتقط بأكلها ، كثرت أو قلت درهما فصاعدا ، وله التصدق بعد السنة ، لأن الواجب الحفظ بحسب الإمكان ، إما العين وثوابها ، ولظاهر قوله - صلى الله عليه وسلم - : ( فشأنك بها ) ، ويخير ربها إذا جاء في ثوابها ، أو يغرمها له ، لأن الأصل : تصرفه في ملكه ، وأكثره التصدق قبل السنة إلا في التافه ، وفي التنبيهات : قيل : تسويته بين الدرهم وغيره ليس في التعريف ، بل في أصل التعريف ، ثم يختلف في اليسير دون السنة ، لقوله بعد : أكره التصدق قبل السنة إلا التافه اليسير .

                                                                                                                فرع : مرتب

                                                                                                                قال صاحب القبس : وإذا قلنا بالتملك مطلقا في سائر البقاع ، فهل يسوى بين الملتقطين ؟ المذهب : التسوية ، وقاله ( ش ) وابن حنبل ، وقال ( ح ) - وهو أحد القولين عندنا - : لا يأكلها إلا الفقير .

                                                                                                                [ ص: 116 ] لنا : عموم الأحاديث ، ولأن من يملك بالقرض يملك بالالتقاط كالفقير ، ولأن من جاز له الالتقاط جاز له التملك به كالفقير ، ولأنه - صلى الله عليه وسلم - أمر أبيا بأكل اللقطة وهو ممن تحرم عليه الصدقة ، وفي المقدمات : ( أن عليا - رضي الله عنه - وجد دينارا فجاء به إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال له : يا رسول الله وجدت هذا ، فقال : عرفه ، فذهب ما شاء الله ثم قال : عرفته فلم أجد أحدا يعرفه فقال : فشأنك به ، فذهب فرهنه في ثلاثة دراهم وطعام وودك ، فبينما هو كذلك إذ جاء صاحبه ينشده ، فجاء علي إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال : هذا صاحب الدينار ، فقال : أده إليه ، فأدى علي ما أكل منه ) فلو كانت اللقطة إنما تحل على وجه الصدقة لما حلت لعلي - رضي الله عنه - لتحريم الصدقة على أهل البيت ، على وجه السلف ، وهو جائز للاغتناء ، ولأن الغني والفقير قد استويا قبل الحول في عدم التملك فيستويان بعده قياسا لإحدى الحالتين على الأخرى .

                                                                                                                احتجوا بما روي عنه - صلى الله عليه وسلم - في النسائي أنه قال : ( من وجد لقطة فليشهد عليها ذا عدل أو ذوي عدل - ولا يكتم ولا يغيب ، فإن وجد صاحبها فليردها عليه ، وإلا فهي مال الله يؤتيه من يشاء ) وما يضاف إلى الله تعالى إنما يتملكه من يستحق الصدقة .

                                                                                                                وجوابه : أنه عليكم ، لأنها لو اختص ملكها بالفقير لما قال : ( يؤتيه من يشاء ) بل قال ، هو للفقير ، سلمنا أنه ليس عليكم ، لكنا لا نسلم أن إضافته إلى الله تعالى تمنع تملك الغني ، لأن كل أموال الغني مضافة إلى الله تعالى إضافة [ ص: 117 ] الخلق والملك ، ولقوله تعالى : ( وآتوهم من مال الله الذي آتاكم ) قال صاحب القبس : قال علماؤنا المحررون : هذه المسألة تنبني على أن اللقطة هل تؤخذ احتسابا لله تعالى فتختص بالفقير ، أو اكتسابا فتعم ، قال : وهذا لا يصح ، بل هي أول الأمر احتسابا جزما ، وعند ( ح ) ما يئول للاحتساب ، وعندنا : تئول لقوله - صلى الله عليه وسلم - ( فشأنك بها ) ولم يفصل بين الغني والفقير .

                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                الخدمات العلمية