الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                الفرع الرابع

                                                                                                                في الكتاب : يدفع الآبق للإمام يوقف سنة وينفق عليه ، فإن جاء صاحبه وإلا باعه ، وأخذ من ثمنه نفقته ، وبقية ثمنه لصاحبه يدفع في بيت المال . ويباع بعد السنة ، ولا يطلق يعمل ويأكل . ولا يجعل كضالة الإبل ، لأنه يأبق ثانية .

                                                                                                                فائدة : في التنبيهات : الإباق بكسر الهمزة اسم للذهاب في استتار ، وهو الهروب ، والأبق بالفتح وسكون الباء وفتحها اسم الفعل ، قال التونسي : لو كانت النفقة عليه في السنة تستغرق ثمنه لم يكن في الحبس فائدة ، وبيع قبل السنة ، وقال أشهب : يطلقه ولا ضمان ، لأنه يأكل من عمله . فهذا نفع لصاحبه ، قال ابن يونس : قال مالك : لم أزل أسمع أن الآبق يحبس سنة ثم يباع ، قال سحنون : لا أرى ذلك ، لكن بقدر ما يتبين أمره ثم يباع ، ويحكم الحاكم صفته عنده حتى [ ص: 102 ] يأتي صاحبه ، قال ابن يونس : وهو الصواب ، لئلا يذهب في نفقته ، قال اللخمي : قال مالك : لا يقرب الآبق ولا يأخذه إلا أن يكون لأخ أو لمن يعرف ، وقال ابن القاسم : إن كان لمن يعرف فيستحب له أخذه ، وقال أشهب : إن كان لقريب استحب له أخذه أو بعيد تركه أحب ، وأما تركه بعد أخذه ، ففي المدونة : إن أرسله ضمنه ، وعنه : إرساله خير من بيعه ، فيملك ثمنه أو يطرح في السجن فلا ( . . . ) يطعمه بخلاف البعير يكفيه الرعي ، وقد يسرق العبد ( . . . ) وقد ( . . . ) في الإباق مرة أخرى وربما قتلك ، ومفاسده كثيرة ، ومتى كان إن انصرف على أميال يسيرة فلا يتبعه إن لم تخف منه ، ويحمل قوله إن كان لمن لا يعرف لا يقر به ، على فساد السلطان ( . . . ) أخذه ، وأما من يعرف فيرسله له بغير إنشاد ، وقوله : تعرف سنة ، يريد إذا كانت له صنعة تقوم به ، أو أن يكون الإمام عدلا ينفق عليه إن دفع للسلطان بيع قبل السنة ، وبقي التعريف ، وإن بيع بعد السنة : فالقياس أن لا يتصدق بثمنه حينئذ ولا ينفقه بخلاف اللقطة ، لأن للقطة موضعا يتفقدها صاحبها فيه ، فإذا مضت السنة ولم يأت ظهر العوز . بخلاف السنة في الآبق فيوقف الثمن عندها وعند أمين ، ووافقنا الأئمة على جواز أخذ الآبق للحفظ لا للتمسك ، ويدفعه للإمام إن لم يقدر على حفظه يبيعه أو يأخذه على حسب مصلحة مالكه ، ولم أر حبسه إلا لنا وغيرنا لم ينكر ذلك .

                                                                                                                نظائر : الآبق واللقطة والمجنون تستتم له سنة ، والمعترض تمضى له الفصول الأربعة ، والعهدة للجنون والجذام والبرص ، وعهدة المستحاضة والمرتابة والمريض ، والشفعة على رأي أشهب وابن القاسم يزيد الشهر والشهرين ، واليتيمة إذا مكثت في بيتها اعتبر رشدها ، والجرح لا يحكم فيه إلا بعد سنة من البرء لاحتمال سريانه وانتقاضه في أحد الفصول ، وشاهد الطلاق إذا أبى أن يحلف المشهود عليه يحبس المحلوف عليه سنة ، والهبة لا تبطل بالإعادة إذا حازها الموهوب له سنة ، بخلاف الرهن ، والموصى بعتقه وامتنع أهله من بيعه ينتظر سنة ، فإن باعوه عتق بالوصية .

                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                الخدمات العلمية