الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                فرع

                                                                                                                في الكتاب : إذا اكتريت الدار من غير غاصب فلم تنقده حتى استحقت في نصف المدة ، فكراء ما مضى للأول بالضمان ، ولك فسخ الباقي والرضا به لأنه عقد فضولي ، ويكون ذلك بقيمة كراء المدة لانتقال الضمان إليك ، فإن أخذت الكراء فليس للمكتري فسخه فرارا من عهدة ، إذ لا ضرر عليه ؛ لأنه سكن ، فإن أعطبت أدى بحساب ( ما سكن ولو انتقد الأول كراء السنة ) كلها لدفع إلى المستحق حصته باقي المدة إن كان مأمونا ولم ( يخف من دين أحاط به ) أو نحوه ، ولا يرد باقي الكراء على المكتري ، قال التونسي : لا يخير حتى يعلم ما ينوب ما بقي كجمع السلعتين لرجلين في عقد واحد إذا كان المكتري انتقد الكراء فكان هذا أمينا ، وأتى بحميل ثقة انتقد الكراء على ذلك ، أخذ بقدر ما سكن الساكن ، وإلا فسخ ، ولا تجعل الدار مأمونة [ ص: 44 ] فينقد الكراء ، لأنه إن فلس كان أولى بالسكنى ، قال : ولعل هذا إذا كانت الدار عونا . وإلا فهو أولى بصحيحة البناء مما له حجة في إعسار المستحق لكراء الدار في يديه فهو أحق بها من جميع الغرماء ، قال اللخمي : للمستحق أجرة الكراء وإن كره المكتري والكراء مؤجل ، أو بالنقد والمستحق مأمون ، قال ابن القاسم : إن كان مخوفا لكثرة الدين فله رد النقد ، ويرجع الخيار للمستحق بين التمادي على الإجارة أو رد النقد ؛ لأن العقد بشرط النقد ، إن خص فلا تلزمه الإجارة ويمنع النقد ، قال : وأرى أن للمكتري أن يتعجل ذلك النقد فإن كان عليه دين ، لأن المكتري أحق بالدين عند قيام الغرماء فكان هو ومن لا دين عليه في هذا الوجه سواء ، ولا يقال : لعل الدار مخوفة لأن المخوف لا يكرى بالنقد ، وإن نقد تطوعا بعد العقد فللمستحق قبضه إذا قصد الأول بالتعجيل إبراء ذمته ، وإن قصد رفق المكتري فللمكتري ارتجاعه ، ولا مقال للمستحق المأمون ، وأن قصد براءة ذمته والدار مخوفة والمستحق غير مأمون إلا أنه لا دين عليه ، فإن كانت قيمتها مهدومة وفاء الدين له قبض الكراء ، وإن كان له غرماء فللمكتري ارتجاعها

                                                                                                                فرع

                                                                                                                في الكتاب : إذا اكتريت فهدمت تعديا فللمستحق أخذ النقض وقيمة الهدم منك لتعديك وإن أسقطها المكتري عنك قبل الاستحقاق مليا كنت أم لا ، للزومها لك بالتعدي ، ولا يرجع عليك إذا لم ينقد ، كما لو اشتريت عبدا فسرقه منك رجل فتركت قيمته ثم استحق ، اتبع المستحق السارق وحده ، ولو ابتعت النقض فله إغرامك ثمنه أو قيمته ، ولو هدمها المكري فللمستحق النقض دون القيمة إن وجده . وإن بيع فثمنه ، في التنبيهات : قوله : يرجع المكتري بقيمة الهدم ، قيل : بما سميا نفقته وما بينهما من القيمة بذلك البناء فيغرمه ، وقيل : قيمة ما أفسد من البناء ، وقال ابن حبيب : ما أنفق في البناء ، وقيل : يأخذ النقض وما أفسد من الهدم . وفي النكت : إذا أجاز المستحق كراء ما في المدة وقد علم أن [ ص: 45 ] المكري قد نقد الكراء ، أو كانت عادة الناس النقد ، فقد دخل على أن يأخذ حصاص باقي المدة ، وإلا فليس له أن يتعجل حصة باقي المدة . وهذا يحمل عليه أنه إنما أجاز ليأخذ بحساب ما سكن المكتري ، فكل ما سكن المكتري فكل ما سكن شيئا ودى بحسابه ، وإنما يكون للمكتري الامتناع من دفع حصة باقي الأمد إذا كان مقدار الكراء الذي دفع ( . . . ) مأوى فلا مقال ، لأن له ذمة ، وإذا كان المستحق ملدا ظالما فلا حجة للمكتري ( . . . ) الكراء وأكثر . وإنما يصح هذا إذا لم يخف المكتري ( . . . ) المساواة ، قال عبد الحق : إذا كان المستحق غير مأمون فامتنع المكتري من دفع كراء بقية المدة ، خير المستحق بين إجازة الكراء على أنه لا يأخذ إلا كراء ما سكن كلما سكن شيئا أخذ حسابه ، أو فسخ بقية المدة ، والفرق بين المشتري يهدم الدار ولا يطالبه المستحق بما نقص الهدم ، وبين المشتري يلبس الثوب فينقصه اللبس يلزمه نقص اللبس : أن في اللبس إنما يؤدي قيمة ما انتفع به ، والهدم لا يقع له ، قال التونسي : إذا استحق ثلث الدار بعد أن أكراها المشتري فلم يسكن شيئا فأراد إجازة الكراء فلا اعتراض في ذلك ؛ لأنها إجازة بثمن معلوم ، أو بعد أن سكن امتنع على أحد القولين للجهل بما بقي ، وأما إذا استحق ثبت وبقي ما فيه ضرر على المكتري لقلته ، فله رد القيمة إذا لم يعجل المستحق ، ولا ينظر إلى ما تقدم له من السكنى حتى يصير المستحق في جانب الجملة ، إذا كان الباقي له يضر به المقام فيه ، وقد اختلف في الدارين يستحق من إحداهما شيئا له بال وهو الأول ، وما فيها من الدار الأخرى الجل والمستحق من جملتها اليسير فلم يعتبر ذلك ابن القاسم في المدونة : واعتبر كل دار في نفسها ولم يضف بقية المستحق منها إلى الدار الأخرى ، فإذا استحق من أحدها الجل ردها . وإن كانت الأقل ، قال ابن يونس : الفرق بين ما تركه المكتري من قيمة الهدم للهادم وبين ما حابى به من الكراء : أن الحابي دفع حقا للمستحق إلى المكتري ، فيبدأ بالرجوع عليه ، لأن الخطأ والعمد في أموال الناس [ ص: 46 ] سواء ، وتارك القيمة للهادم لم يلف شيئا كان بيده ، إنما ظن أنه وجب له شيء قبل هذا المتعدي فترك أخذه منه فيأخذه مستحقه ، ولو هدمها المكتري لم تلزمه القيمة ، إنما له النقض بعينه إن وجده ، وإن بيع فثمنه ، قال : وكذلك ينبغي في الثوب إذا قطعه ، وظاهر المدونة : لا يضمن في الثوب ، بخلاف كتاب محمد ، وفرق محمد أن الثوب لا يرجع لهيئته ، والدار والخلخال يرجعان إلى هيئتهما ، قال : وليس بالبين ، بل إذا ضمن المشتري جناية الخطإ في العبد إذا اشتراه في أحد القولين ضمن في القطع والهدم ، وإذا استحق بيت من دار عظمى لا يضرها ذلك ، لزم البيع في بقيتها ورجع بحصة ما استحق منها ، وكذلك النخل الكثيرة تستحق منها النخلات اليسيرة ، وأما نصف الدار أو دونه مما يضر بالمشتري وإن كان العبد فيخير في ردها كلها وأخذ الثمن ، والتمسك بالباقي بحصته من الثمن ، ولو استحق ثلثها معينا يكثر ضرره فليس له حبس الباقي بحصته ، لأنه لا يعلم إلا بعد التقويم بخلاف ما استحق على الأجزاء ، وعن ابن القاسم : التسوية بين الكراء والشراء في التخيير بين التمسك بالباقي والرد ، قال غيره : وليس الكراء كالشراء ، ولا يتمسك المكتري بما بقي إن استحق نصف الدار أو جلها لاختلاف قيمة الشهور ، قاله سحنون ، وقال غيره : إنما يصح قول سحنون إذا سكن بعض السكنى ( . . . ) وإن اختلفت قيمة الشهور ؛ لأنه ، إن استحق الثلث سقط عنه ثلث الكراء أو النصف .

                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                الخدمات العلمية