الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            [ ص: 218 ] فصل : واستدامة القبض شرط للزوم الرهن . فإذا أخرجه المرتهن عن يده باختياره ، زال لزوم الرهن ، وبقي العقد ، كأنه لم يوجد فيه قبض ، سواء أخرجه بإجارة أو إعارة أو إيداع أو غير ذلك . فإذا عاد فرده إليه ، عاد اللزوم بحكم العقد السابق . قال أحمد ، في رواية ابن منصور : إذا ارتهن دارا ، ثم أكراها صاحبها ، خرجت من الرهن ، فإذا رجعت إليه ، صارت رهنا .

                                                                                                                                            وقال في من رهن جارية ، ثم سأل المرتهن أن يبعثها إليه لتخبز لهم ، فبعث بها ، فوطئها : انتقلت من الرهن ، فإن لم يكن وطئها ، فلا شيء . قال أبو بكر : لا يكون رهنا في تلك الحال ، فإذا ردها رجعت إلى الرهن . وممن أوجب استدامة القبض مالك وأبو حنيفة . وهذا على القول الصحيح ، فأما على قول من قال : ابتداء القبض ليس بشرط . فأولى أن يقول : الاستدامة غير مشترطة ; لأن كل شرط يعتبر في الاستدامة ، يعتبر في الابتداء ، وقد يعتبر في الابتداء ما لا يعتبر في الاستدامة .

                                                                                                                                            قال أبو الخطاب : إذا قلنا : القبض شرط في الابتداء . كان شرطا في الاستدامة . وقال الشافعي استدامة القبض ليست شرطا ; لأنه عقد يعتبر القبض في ابتدائه ، فلم يشترط استدامته كالهبة . ولنا ، قول الله تعالى : { فرهان مقبوضة } . لأنها إحدى حالتي الرهن ، فكان القبض فيها شرطا ، كالابتداء . ويفارق الهبة ; لأن القبض في ابتدائها يثبت الملك ، فإذا ثبت استغني عن القبض ثانيا ، والرهن يراد للوثيقة من بيعه ، واستيفاء دينه من ثمنه ، فإذا لم يكن في يده ، لم يتمكن من بيعه ، ولم تحصل وثيقة . وإن أزيلت يد المرتهن لغير حق ، كغصب ، أو سرقة ، أو إباق العبد ، أو ضياع المتاع ، ونحو ذلك ، لم يزل لزوم الرهن ; لأن يده ثابتة حكما ، فكأنها لم تزل .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية