الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
الفصل الثالث: موقفنا من الاستشراق

تمهيد

بعد أن اتضحت لنا بعض الشيء -في الفصلين السابقين- أبعاد المواقف الاستشراقية بإيجابياتها وسلبياتها يبقى أمامنا السؤال الكبير:

ماذا فعلنا نحن؟ ما موقفنا من الحركة الاستشراقية؟

إنها حركة فكرية هـائلة وما تنتجه يخصنا ويخص عقيدتنا ولغتنا وتراثنا وتاريخنا وذاتيتنا، هـل نكتفي بموقف المتفرج في المسرح، تعجبه بعض المشاهد فتتهلل أساريره، ولا تعجبه بعض المشاهد الأخرى فيقطب جبينه ويمط شفتيه؟

إن الأمر هـنا يختلف تماما، فالأمر ليس مجرد استحسان أو استهجان عابرين؛ نفرح حين يمن علينا بعضهم بكلمات المدح، ونفزع غاضبين حين يصب علينا بعضهم الآخر صواعق فكرية، فنستعيذ بالله من شياطين الإنس، ونعتبر الموضوع منتهيا، ثم نستأنف سيرنا العادي الرتيب. [ ص: 123 ]

لا، إن الأمر أخطر من ذلك بكثير؛ لأنه يتعلق بأعمق أعماقنا عقديا وفكريا وحضاريا، وليس هـناك أمامنا من سبيل إلا المواجهة وقبول التحدي وإثبات الذات، وإلا فلسنا جديرين بالحياة.

لقد أضعنا الكثير من عمر الزمن في تفاهات الأمور، وغيرنا يصارعنا في عظائم الأمور، ونحن لاهون، غافلون، غير مكترثين، يزلزل الآخرون في جذورنا ونحن لا نشعر ولا نعي، وإن شعرنا فهو شعور الكسول المتباطئ الذي يجد المتعة في التمطي والتثاؤب أكثر مما يجدها في الحركة والعمل.

إن المستشرقين يعملون ونحن لا نعمل، وهذا هـو الفارق بيننا وبينهم، بصرف النظر عن طبيعة العمل الذي يقومون به، وقد آن الأوان لنعمل نحن أيضا، لنعمل حتى الموت؛ لأن المسألة مسألة مصير.

وفي الصفحات التالية نستعرض معا موقفنا وما يطلبه العمل الإسلامي منا في هـذا المجال، ونضع أمام المسلمين الغيورين بعض المقترحات، التي نعتقد أنها يمكن أن تعوض بعض ما فات من وقت ضائع وكرامة مهانة وذاتية منهارة.

التالي السابق


الخدمات العلمية