الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
[3] دائرة معارف إسلامية جديدة

ومن بين الأولويات العلمية الملحة مشروع إصدار دائرة معارف إسلامية جديدة. فلا يجوز أن نظل نقتات فكريا من دائرة المعارف الإسلامية التي قام بإعدادها المستشرقون قبل الحرب العالمية الثانية، فقد تجاوزها المستشرقون وانتهوا منذ بضع سنوات من إصدار دائرة إسلامية جديدة. وواجبنا نحن المسلمين أن نقوم بإصدار دائرة معارف إسلامية باللغة العربية واللغات الأوروبية الرئيسة، تقف على الأقل في مستوى دائرة المعارف الإسلامية للمستشرقين تخطيطا وتنظيما، وتتفوق عليها علميا، وتنقل وجهة النظر الإسلامية في شتى فروع الدراسات الإسلامية والعربية إلى المسلمين وغير المسلمين على السواء. فكل فراغ فكري لدينا لا نشغله بأفكار من عندنا يكون عرضة للاستجابة لأفكار منافية، وربما معادية لأفكارنا، فلا نلومن إلا أنفسنا.

وينبغي ألا يغيب عن الأذهان أن دائرة المعارف الإسلامية المقترحة تختلف عن (موسوعة الرد على المستشرقين) ؛ فالموسوعة محدودة في إطار الرد على شبهات معينة أثارها المستشرقون، ومناقشة هـذه الشبهات وتفنيدها. أما [ ص: 142 ] دائرة المعارف الإسلامية المطلوبة فهي عامة وشاملة لكل جوانب الإسلام والفكر الإسلامي والحضارة الإسلامية بوجه عام.

وبالإضافة إلى ذلك يمكن إصدار موسوعات أخرى متخصصة؛ مثل موسوعة للفقه الإسلامي، وموسوعة للحديث النبوي، وموسوعة للتاريخ الإسلامي... إلخ، وينبغي أن يكون هـناك تنسيق بين المؤسسات العلمية في العالم الإسلامي بشأن هـذه الموسوعات المختلفة؛ حتى لا تتوزع الجهود وتتكرر الأعمال.

فهذا التكرير -بكل أسف- هـو ما يحدث الآن بالفعل؛ إذ تقوم أكثر من دولة إسلامية وأكثر من جهة علمية بعمل موسوعات للفقه أو الحديث. ومن الخير للإسلام والمسلمين أن تتوحد الجهود وتتوفر الإمكانات على إنجاز أعمال غير مكررة، فهذا التكرير يحبس جهود مجموعة من العلماء لسنوات عديدة. وقد كان من الممكن -لو صحت العزائم وصدقت النيات- أن تتجه هـذه الجهود إلى مجالات إسلامية أخرى، تنتج فيها أعمالا ليس لها نظير في جهة أخرى في العالم الإسلامي.

وهكذا ينبغي أن تخرج هـذه الأعمال العلمية الإسلامية عن دائرة التباهي والتفاخر بين الدول الإسلامية، فالتنافس في الخير وفي العلم مطلوب، ولكن تبديد الجهد والوقت والمال في أعمال مكررة أمر يجب أن نكف عنه فورا؛ خدمة للدين الذي نؤمن به، والذي هـو في أمس الحاجة إلى كل دقيقة من وقت علمائه، من أجل تقديم عمل نافع للأجيال المسلمة، التي تنتظر الكثير من علماء المسلمين حتى تستطيع أن تواجه شتى التيارات الفكرية التي تحيط بها من كل جانب.

التالي السابق


الخدمات العلمية