الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
فئات المستشرقين

ومن خلال هـذا العرض السريع لأهداف المستشرقين المختلفة التي كانت تتداخل مع بعضها في أحيان كثيرة يتضح لنا أن المستشرقين فئات مختلفة، تتراوح بين التعصب والإنصاف، فإذا تجاوزنا من لهم ميول تبشيرية خفية أو سافرة نجد أن المستشرقين العلمانيين ينقسمون إلى فئات مختلفة:

أ - فريق من طلاب الأساطير والغرائب

من هـؤلاء الذين افتروا على الإسلام واخترع خيالهم المريض حوله الأقاصيص الكاذبة. ولم يكن لهذا الفريق في سوق العلم نصيب، وقد ظهر هـذا الفريق في بداية نشأة الاستشراق، واختفى بالتدريج.

ب - فريق من المرتزقة

الذين جندوا دراساتهم وبحوثهم في خدمة المصالح الغربية؛ الاقتصادية والسياسية والاستعمارية. وقد أشرنا إليهم عند حديثنا عن الاستشراق والاستعمار.

ج - وفريق من المتغطرسين

الذين أخذتهم العزة بالإثم، وأعمتهم الضلالة عن النزاهة العلمية، فراحت أقلامهم تقطر حقدا وعداوة وطعنا في الإسلام من أمثال: ( بدويل ) و ( بريدو ) و (سيل) من القرن الثامن عشر. وقد كان لكتابات بعضهم -مثل ( سيل ) - أثر كبير في الغرب لمدة طويلة. ويتساوى مع هـؤلاء في الحقد والعداوة للإسلام مجموعة من الملحدين، الذين ينالون من الإسلام نيلهم من النصرانية. [ ص: 75 ]

د - فريق تعرض للإسلام باسم البحث العلمي

ولكنهم انحرفوا عن جادة الصواب؛ فراحوا يتلمسون نقاط ضعف في الإسلام، ويشككون في صحة الرسالة الإسلامية، وفي التوحيد الإسلامي، وفي القرآن الكريم من حيث مصدره أو نصه، وفي الحديث من حيث صحته، وفي قيمة الفقه الإسلامي الذاتية، وفي قدرة اللغة العربية على التطور... إلخ.

هـ - وهناك فريق من المستشرقين التزم في دراسته للإسلام بالموضوعية والنزاهة العلمية

وأنصف الإسلام والمسلمين. وقد أدى الأمر ببعضهم إلى اعتناق الإسلام [1] .

و - وهناك فريق من المستشرقين توفر على دراسة اللغة العربية وفقه اللغة والأدب العربي

أو اشتغل بالمعاجم وما شابه ذلك، ولهؤلاء بحوث قيمة مفيدة.

ويهمنا عند عرض آراء المستشرقين حول الإسلام أن نناقش تلك الآراء الاستشراقية الأساسية التي ترسخت في الأذهان، وأصبح لها حجية أو شبه حجية، وخاصة إذا كانت هـذه الآراء صادرة باسم العلم والمنهج العلمي واستخدام أساليب النقد والتحليل في البحث.

فقد ينخدع بعضهم بتلك الشعارات العلمية، ولكن البحث والتنقيب في هـذه الآراء يظهر لهم أنهم كانوا يجرون وراء سراب يحسبه الظمآن ماء حتى إذا جاءوه لم يجدوه شيئا.

أما الفرق الأخرى فإما أن أمرها مفضوح، وغشها مكشوف، وكذبها صراخ، وهذه ليس لنا معها حديث؛ لأن المستشرقين أنفسهم يعترفون الآن بأن مثل هـذه الفرق لا وزن لها، وإما أنها فرق منصفة للإسلام أو لا صلة لدراساتها بالإسلام، ولذلك فهي بعيدة عن موطن الشبهات.

ولعلنا في مناسبة أخرى نعرض لآراء المستشرقين المنصفين للإسلام، ونوفيهم حقهم من التقدير. [ ص: 76 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية