الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
[5] ترجمة إسلامية لمعاني القرآن الكريم

إنه لأمر يدعو إلى الدهشة والغرابة أن يترك المسلمون كتابهم المقدس نهبا لكل من هـب ودب لترجمته، ولا يحركون ساكنا أمام عشرات الترجمات للقرآن في كل لغات العالم، وفي كل لغة من اللغات الأوروبية نجد العديد من الترجمات القديمة والحديثة.

وفي الجانب الآخر يهتم النصارى بترجمة كتابهم إلى كل لغات البشر، وقد اطلعت على ورقة عمل مقدمة من: (وليم د. رايبيرن William D. Reryburn) إلى مؤتمر كلورادو -الذي أشرنا إليه- عن ترجمات الكتاب المقدس إلى لغات العالم المختلفة، وعن الترجمات الموجهة على وجه الخصوص للمسلمين في شتى لغاتهم.

ويتضح من هـذه الورقة مدى الجهد الكبير الذي يبذل في سبيل توصيل تعاليم الكتاب المقدس إلى كل الناس عن طريق مئات الترجمات، التي قامت بإنجازها الهيئات النصرانية التبشيرية. ولم نسمع عن ترجمات للكتاب المقدس قام بها أناس من غير النصارى.

أما نحن فقرآننا كلأ مباح لكل من يريد ترجمته وتحريفه، وشغلنا عن ذلك بمناقشات أضعنا فيها الكثير من الوقت حول جواز أو عدم جواز ترجمة القرآن. وقد كان الشيخ محمد مصطفى المراغي من أشد المتحمسين لموضوع ترجمة معاني القرآن عندما كان شيخا للأزهر. وتقدم بمذكرة إلى مجلس الوزراء المصري في عام 1936 يقترح فيها ترجمة رسمية يقوم بها الأزهر بمساعدة وزارة المعارف، وذلك حتى يمكن أن تقف هـذه الترجمة الرسمية في وجه الترجمات العديدة المنتشرة في العالم شرقا وغربا، والمليئة بالأخطاء. وقد وافق مجلس الوزراء على ذلك في 16 أبريل (نيسان) 1936م.

ولكن الشيخ الظواهري وقف على رأس المناهضين لهذا المشروع ورأى [ ص: 147 ] (أن الطريق السليم لمناهضة هـذه الترجمات غير الصحيحة هـو مصادرة هـذه الترجمات وطلب جمعها وإتلافها من جميع حكومات العالم [1] . وهذا مطلب غريب لا يمكن تحقيقه بأي حال من الأحوال. وهكذا وئدت الفكرة في مهدها، ولم نفعل شيئا من أجل المسلمين في شتى أنحاء العالم من غير الناطقين بالعربية، والذين يتحدثون مئات اللغات المختلفة في كل قارات العالم.

إن العرب لا يشكلون أكثر من نسبة: 15%، من تعداد المسلمين في العالم، فهل يترك باقي المسلمين من غير العرب تحت رحمة ترجمات فاسدة للقرآن، قام بها أناس غرباء عن دينهم؟

لقد آن الأوان لإعداد ترجمات إسلامية مقبولة لمعاني القرآن الكريم باللغات الحية، نسد بها الطريق أمام عشرات الترجمات المنتشرة الآن بشتى اللغات، والتي قام بإعدادها بعض المستشرقين والمنصرين، وصدورها في غالب الأحيان بمقدمات مملوءة بالطعن على الإسلام.

ومن واجبنا أيضا أن نقوم باختيار مجموعة كافية ومناسبة من الأحاديث النبوية الصحيحة، وترجمتها إلى اللغات الحية؛ لتكون مع ترجمة معاني القرآن الكريم في متناول المسلمين غير الناطقين بالعربية، وفي متناول غير المسلمين الذين يريدون فهم الإسلام من منابعه الأصلية.

التالي السابق


الخدمات العلمية