الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
قال : ( وفي السن القصاص ) لقوله تعالى { والسن بالسن } ( وإن كان سن من يقتص منه أكبر من سن الآخر ) لأن منفعة السن لا تتفاوت بالصغر والكبر . قال : ( وفي كل شجة تتحقق فيها المماثلة القصاص ) لما تلونا . قال ( ولا قصاص في عظم إلا في السن ) وهذا اللفظ مروي عن عمر وابن مسعود رضي الله عنهما ، وقال عليه الصلاة والسلام { : لا قصاص في العظم } والمراد غير السن ، ولأن اعتبار المماثلة في غير السن متعذر لاحتمال الزيادة والنقصان ، بخلاف السن لأنه يبرد بالمبرد ، ولو قلع من أصله يقلع الثاني فيتماثلان . .

التالي السابق


( قوله ولو قلع من أصله يقلع الثاني فيتماثلان ) قال صاحب الكافي : وعامة شراح الكتاب في هذا المقام : ولو قلع السن من أصله لا يقلع سنه قصاصا لتعذر اعتبار المماثلة فربما تفسد به لثاته ، ولكن يبرد بالمبرد إلى موضع أصل السن ، وعزاه الشراح إلى المبسوط . أقول : أسلوب تحريرهم هاهنا محل تعجب ، فإن أحدا منهم لم يتعرض لما ذكر في الكتاب لا بالرد ولا بالقبول ، بل ذكروا المسألة على خلاف ما ذكر في الكتاب ، وكان من دأب الشراح التعرض لما في الكتاب إما بالقبول وإما بالرد ، فكأنهم لم يروه أصلا . نعم القول الذي نقلته هنا عن المصنف غير مذكور في بعض النسخ لكنه واقع في كثير من النسخ ليس بمثابة أن لا يطلع عليه أحد من الشراح . كيف وقد أخذه صاحب الوقاية فذكره في متنه حيث قال : ولا قود في عظم إلا السن فتقلع إن قلعت وتبرد إن كسرت ، [ ص: 235 ] وكأن مأخذ متن الوقاية هو الهداية كما صرح به صاحبه ، وكذا ذكر في كثير من المتون . ثم إن التحقيق هاهنا هو أنه إذا قلع سن غيره هل يقلع سنه قصاصا أم يبرد بالمبرد إلى أن ينتهي إلى اللحم ؟ فيه روايتان كما أفصح عنه في المحيط البرهاني حيث قال : إن كانت الجناية بكسر بعض السن يؤخذ من سن الكاسر بالمبرد مقدار ما كسر من سن الآخر وهذا بالاتفاق ، وإن كانت الجناية بقلع سن ذكر القدوري أنه لا يقلع سن القالع ولكن يبرد سن القالع بالمبرد إلى أن ينتهي إلى اللحم ويسقط الباقي ، وإليه مال شمس الأئمة السرخسي ، وذكر شيخ الإسلام في شرحه أنه يقلع سن القالع ، وإليه أشار محمد رحمه الله في الجامع الصغير حيث ذكر بلفظ النزع ، والنزع والقلع واحد . وفي الزيادات نص على القلع ، إلى هنا لفظ المحيط




الخدمات العلمية