الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
قال ( وما ليس بواجب قدم منه ما قدمه الموصي ) لما بينا وصار كما إذا صرح بذلك . قالوا : إن الثلث يقسم على جميع الوصايا ما كان لله تعالى وما كان للعبد ، فما أصاب القرب صرف إليها على الترتيب الذي ذكرناه ويقسم على عدد القرب ولا يجعل الجميع كوصية واحدة ، لأنه إن كان المقصود بجميعها رضا لله تعالى فكل واحدة في نفسها مقصود فتنفرد كما تنفرد وصايا الآدميين . قال ( ومن أوصى بحجة الإسلام أحجوا عنه رجلا من بلده يحج راكبا ) لأن الواجب لله تعالى الحج من بلده ولهذا يعتبر فيه من المال ما يكفيه من بلده والوصية لأداء ما هو الواجب عليه وإنما قال راكبا لأنه لا يلزمه أن يحج ماشيا فانصرف إليه على الوجه الذي وجب عليه . قال ( فإن لم تبلغ الوصية النفقة أحجوا عنه حيث تبلغ ) وفي القياس لا يحج عنه ، لأنه أمر بالحجة على صفة عدمناها فيه ، غير أنا جوزناه لأنا نعلم أن الموصي قصد تنفيذ الوصية فيجب تنفيذها ما أمكن والممكن فيه ما ذكرناه ، وهو أولى من إبطالها رأسا ، وقد فرقنا بين هذا وبين الوصية بالعتق من قبل .

التالي السابق


( قوله قالوا : إن الثلث يقسم على جميع الوصايا ما كان لله تعالى وما كان للعبد إلخ ) وفي غاية البيان : قال شمس الأئمة السرخسي في شرح الكافي : [ ص: 473 ] فإن قيل : إذا كانت الوصية بحجة الإسلام فينبغي أن تقدم على الوصية لإنسان لأن ذلك ليس بفرض والحج فريضة . قلنا : هذا إذا اتحد المستحق ، فأما عند اختلاف المستحق فلا تعتبر قوة الوصية ا هـ . أقول : في الجواب نظر ، فإنه منقوض بالعتق الموقع في المرض والعتق بموت الموصي وبالمحاباة في البيع إذا وقعت في المرض ، فإن كلا منها يقدم على جميع سائر الوصايا ما كان لله وما كان للعبد لقوة العتق من حيث إنه لا يلحقه الفسخ أصلا ، وقوة المحاباة أيضا من حيث إنه لا يلحقها الفسخ من جهة الموصي كما مر في باب العتق في المرض ، ولو لم تعتبر قوة الوصية عند اختلاف المستحق لما قدمت المحاباة عند اجتماعها مع وصايا من حقوق الله تعالى ، لأن المستحق في المحاباة هو العبد ، وفي حقوق الله تعالى هو الله تعالى فقد اختلف المستحق ، وكذا الحال في العتق الموقع في المرض أو المعلق بالموت عند اجتماعه مع حقوق الله تعالى عند أبي حنيفة رحمه الله تعالى ، لأن العتق حق العبد عنده وعند اجتماعه مع حقوق العباد عند صاحبيه ، لأن العتق حق الله تعالى عندهما على ما عرف تدبر




الخدمات العلمية