الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( ومن حلف بطلاق أو عتاق إن كان أول ولد تلدينه غلاما فولدت خنثى لم يقع حتى يستبين أمر الخنثى ) لأن الخنث لا يثبت بالشك ( ولو قال كل عبد لي حر أو قال كل أمة لي حرة وله مملوك خنثى لم يعتق حتى يستبين أمره ) لما قلنا ( وإن قال القولين جميعا عتق ) للتيقن بأحد الوصفين لأنه ليس بمهمل ( وإن قال الخنثى أنا رجل أو أنا امرأة لم يقبل قوله إذا كان مشكلا ) لأنه دعوى يخالف قضية الدليل ( وإن لم يكن مشكلا ينبغي أن يقبل قوله ) لأنه أعلم بحاله من غيره ( وإن مات قبل أن يستبين أمره لم يغسله رجل ولا امرأة ) لأن حل الغسل غير ثابت بين الرجال والنساء ( فيتوقى لاحتمال الحرمة وييمم بالصعيد ) لتعذر الغسل ( ولا يحضر إن كان مراهقا غسل رجل ولا امرأة ) لاحتمال أنه ذكر أو أنثى ( وإن سجى قبره فهو أحب ) لأنه إن كان أنثى يقيم واجبا ، وإن كان ذكرا فالتسجية لا تضره . [ ص: 521 ] ( وإذا مات فصلي عليه وعلى رجل وامرأة وضع الرجل مما يلي الإمام والخنثى خلفه والمرأة خلف الخنثى فيؤخر عن الرجل ) لاحتمال أنه امرأة ( ويقدم على المرأة ) لاحتمال أنه رجل

التالي السابق


( قوله وإن لم يكن مشكلا ينبغي أن يقبل قوله لأنه أعلم بحاله من غيره ) قال صاحب الغاية : وفي هذا التعليل نظر ، لأنه إنما لا يكون مشكلا إذا ظهرت فيه إحدى العلامات ، فعند ظهورها [ ص: 521 ] يحكم بأنه ذكر أو أنثى ، فلا حاجة إلى قوله بعد ذلك انتهى . أقول : مدار هذا النظر على عدم فهم مراد المصنف فإن مراده بقوله وإن لم يكن مشكلا ، وإن لم يعلم أنه مشكل لا علم أنه ليس بمشكل ، لأن معنى قوله فيما قبل إذا كان مشكلا : إذا كان قد علم أنه مشكل كما صرح به الشارح المذكور نقلا عن الحاكم الشهيد ، ويدل عليه أيضا قول المصنف في تعليل ذلك لأنه دعوى تخالف قضية الدليل ، فإن مخالفة دعواه قضية الدليل إنما يتصور فيما إذا كان قد علم أنه مشكل ، فإذا كان معنى قوله فيما قبل إذا كان مشكلا ، إذا كان قد علم أنه مشكل يكون معنى قوله هنا وإن لم يكن مشكلا : وإن لم يعلم أنه مشكل ، لأنه هو المقابل لما قبله فيسقط النظر قطعا ، إذا لا يلزم من أن لا يعلم أنه مشكل أن يعلم أنه ليس بمشكل حتى يحكم بأنه ذكر أو أنثى بلا [ ص: 522 ] حاجة إلى قول نفسه ، بل يجوز أن لا يعلم أنه مشكل أم لا بأن لا يعلم ظهور إحدى العلامات ولا عدم ظهورها ، فحينئذ تتحقق الحاجة إلى قول نفسه وهو مسألة الكتاب هنا ، ومحل التعليل بقوله لأنه أعلم بحاله من غيره فلا غبار فيه . والعجب منه أنه بعد أن حسب معنى المقام ما يبتنى عليه نظره كيف أورد النظر على التعليل دون نفس المسألة وهي أحق بوروده عليها على مدار فهمه معنى المقام بأن يقال لا معنى لهذه المسألة ، لأنه إنما لا يكون مشكلا إذا ظهرت فيه إحدى العلامات ، فبعد ظهورها يحكم بأنه [ ص: 523 ]

ذكر أو أنثى ، فلا حاجة إلى قوله بعد ذلك فما معنى قول المصنف وإن لم يكن مشكلا ينبغي أن يقبل قوله




الخدمات العلمية