الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                      قلت : أرأيت لو أن رجلا قال في امرأة هذه أختي من الرضاعة أو غير ذلك من النساء اللاتي يحرمن عليه ، ثم قال بعد ذلك أوهمت أو كنت كاذبا أو لاعبا فأراد أن يتزوجها ؟

                                                                                                                                                                                      قال : سئل مالك عما يشبهه من الرضاع إذا أقر به الرجل أو الأب في ابنه الصغير أو في ابنته ثم قال بعد ذلك إنما أردت أن أمنعه أو قال : كنت كاذبا ، قال مالك : لا أرى أن يتزوجها ولا أرى للوالد أن يزوجها ، قال ابن القاسم : قال مالك : ذلك في الأب في ولده . قلت : فإن تزوجها ، أيفرق السلطان بينهما ؟

                                                                                                                                                                                      قال : نعم ، أرى أن يفرق بينهما ويؤخذ بإقراره الأول . [ ص: 301 ]

                                                                                                                                                                                      قلت : أرأيت إن أقرت امرأة أن هذا الرجل أخي من الرضاعة وشهد عليها بذلك شهود ثم أنكرت بعد فتزوجته والزوج لا يعلم أنها كانت أقرت به ؟

                                                                                                                                                                                      قال : لا أرى أن يقر هذا النكاح بينهما ، وما سمعت من مالك فيه شيئا إلا أن مالكا سأله رجل من أصحابنا عن امرأة كانت لها بنت وكان لها ابن عم ، فطلب بنت عمه أن يتزوجها ، فقالت أمها قد أرضعته ثم إنها بعد ذلك قالت : والله ما كنت إلا كاذبة وما أرضعته ولكني أردت بابنتي الفرار منه ؟

                                                                                                                                                                                      قال مالك : لا أرى أن يقبل قولها هذا الآخر ولا أحب له أن يتزوجها ، وليس قول المرأة هذا أخي وقول الزوج هذه أختي كقول الأجنبي فيهما ; لأن إقرارهما على أنفسهما بمنزلة البينة القاطعة ، والمرأة الواحدة ليس يقطع بشهادتها شيء . ابن وهب عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم عن أبيه أن رجلا جاء إلى عمر بن الخطاب بامرأة ، فقال : يا أمير المؤمنين إن هذه تزعم أنها أرضعتني وأرضعت امرأتي ، فأما إرضاعها امرأتي فمعلوم ، وأما إرضاعها إياي فلا يعرف ذلك ، فقال عمر : كيف أرضعتيه ؟ فقالت مررت وهو ملقى يبكي وأمه تعالج خبزا لها فأخذته إلي فأرضعته وسكته ، فأمر بها عمر فضربت أسواطا وأمره أن يرجع إلى امرأته . ابن وهب عن مسلمة بن علي عمن حدثه عن عكرمة بن خالد أن عمر بن الخطاب كان إذا ادعت امرأة مثل هذا سألها البينة . ابن وهب عن يونس بن يزيد عن ربيعة أنه سأله عن شهادة المرأة في الرضاعة أتراها جائزة فقال : لا ; لأن الرضاعة لا تكون فيما يعلم إلا باجتماع رأي أهل الصبي والمرضعة ، إنما هي حرمة من الحرم ينبغي أن يكون لها أصل كأصل المحارم

                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية