الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                      قلت : أرأيت الحر إذا قذف امرأته الحرة فقال : رأيتها تزني فأراد أن يلاعنها وهي ممن لا تحمل من كبر أو لا تحمل من صغر ؟

                                                                                                                                                                                      قال : تلاعن إذا كانت الصغيرة وقد جومعت ، وإن كان مثلها لا تحمل فلا بد له من اللعان ، وإن كانت ممن لو نكلت لم يكن عليها حد ، ألا ترى أن النصرانية لو نكلت عن لعان المسلم وصدقته لم [ ص: 356 ] يكن عليها حد وكذلك الصغيرة توجب على الرجل اللعان فيما ادعى ، لأنه صار لها قاذفا ولا يسقط عنها الحد إن لم يلاعن ولا تلاعن الصغيرة لأنها لو أقرت بما رماها به الزوج لم تحد ، لذلك ولو زنت أيضا لم يكن عليها حد .

                                                                                                                                                                                      قلت : فإن كانت هذه الحرة مثلها لا تلد إلا أن زوجها قال : رأيتها تزني وهو لا يريد أن يلاعن حذرا من الحمل ، أيلتعن في قول مالك أم لا ؟

                                                                                                                                                                                      قال : يلتعن ; لأن هذا قاذف لهذه الحرة فلا بد من اللعان وهو في الأمة والمشركة لا يكون قاذفا ولا يلتعن إذا قذفها إلا أن يدعي رؤية أو ينفي حملا باستبراء يدعيه ، فيقول : أنا ألتعن خوفا من أن أموت فيلحقني الولد ، فهذا الذي يلتعن إذا كانت امرأته أمة أو من أهل الكتاب أو ينفي من حملها إن له أن يلتعن وإن أراد أن يلتعن ويحقق قوله عليها لم أمنعه من ذلك ، لأن الله تبارك وتعالى قال : { فشهادة أحدهم أربع شهادات بالله } وإن لم يرد ذلك لم يكن عليه شيء ; لأنه لا حد عليه في قذفه إياها

                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية