الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( فإن ادعاه آخر دفعه إليه إن برهن واستوثق ) منه ( بكفيل ) إن شاء لجواز أن يدعيه آخر ( ويحلفه ) الحاكم أيضا بالله ما أخرجه عن ملكه بوجه ( وإن لم يبرهن ) عطف على إن برهن ( وأقر ) العبد ( أنه عبده أو ذكر ) المولى ( علامته وحليته دفع إليه بكفيل ، فإن أنكر المولى إباقه ) مخافة جعله ( حلف ) إلا أن يبرهن على إباقه أو على إقرار المولى بذلك زيلعي ( فإن طالت المدة ) أي مدة مجيء المولى ( باعه القاضي ولو علم مكانه ) لئلا يتضرر المولى بكثرة النفقة [ ص: 288 ] ( وحفظ ثمنه لصاحبه و ) أمسك من ثمنه ما ( أنفق منه ، وإن جاء ) المولى ( بعده وبرهن ) أو علم ( دفع باقي الثمن إليه ، ولا يملك ) المولى ( نقض بيعه ) أي بيع القاضي لأنه بأمر الشرع كحكمه لا ينقض .

قلت : لكن رأيت في معروضات المرحوم أبي السعود مفتي الروم أنه صدر أمر سلطاني بمنع القضاة عن إعطاء الإذن ببيع عبيد العسكرية . وحينئذ فلا يصح بيع عبيد السباهية فلهم أخذها من مشتريها ويرجع المشتري بثمنه على البائع . وأما عبيد الرعايا فكذلك إذا كان بغبن فاحش وإلا فللرعايا الثمن وبذلك ورد الأمر أيضا انتهى بالمعنى فليحفظ فإنه مهم

التالي السابق


( قوله : واستوثق منه بكفيل إن شاء ) قال في الفتح : ثم إذا دفعه إليه عن بينة ففي أولوية أخذ الكفيل وتركه روايتان ا هـ وظاهره أن ذلك في حق القاضي ، وهو صريح ما في كافي الحاكم . قال ط : وذكر العلامة نوح : قيل رواية عدم أخذ الكفيل أصح ; لأنه لما أقام البينة أنه له حرم تأخيره ; لأن الدفع في هذه الصورة واجب . ا هـ .

قلت : لكن في التتارخانية أن رواية الأخذ أحوط ( قوله : أيضا ) أي مع الاستيثاق منه بكفيل ( قوله : بوجه ) كبيع أو هبة بنفسه أو بوكيله ( قوله : دفع إليه بكفيل ) أخذه الكفيل هنا رواية واحدة كما في الفتح . قال في التتارخانية : ولم يذكر في الكتاب أن القاضي يتخير في الدفع إليه أو يجب عليه الدفع ، وقد اختلف المشايخ فيه . ا هـ .

قلت : ينبغي وجوب الدفع في صورة إقرار العبد وعدمه في صورة ذكر العلامة تأمل ( قوله : مخافة جعله ) أي أخذ جعله ( قوله : بذلك ) أي بإقامة ( قوله : فإن طالت المدة ) سيأتي أن القاضي يحبس الآبق تعزيرا . وفي التتارخانية يحبسه إلى أن يجيء طالبه ، ويكون هذا الحبس بطريق التعزير وينفق عليه في مدة الحبس من بيت المال . ثم قال : فإن لم يجئ له طالب وطال ذلك باعه بعدما حبسه ستة أشهر ويدفع الثمن إلى صاحبه إذا وصف حليته وعلامته ا هـ وجواز بيعه ظاهر على أنه لا يؤجره خوف إباقه كما مر في اللقطة ويأتي ( قوله : ولو علم مكانه ) في الحواشي اليعقوبية [ ص: 288 ] ينبغي أن يكون هذا إذا تعذر إيصاله إلى مالكه وخيف تلفه . وقد ذكر في القنية أن مال الغائب لا يباع إذا علم مكان الغائب لإمكان إيصاله . ا هـ . نهر .

قلت : قد يكون إيصاله إلى مالكه موجبا لكثرة النفقة فيتضرر مالكه ، وقد لا يمكن معه أخذ ما أنفقه عليه القاضي ( قوله : وأمسك من ثمنه ما أنفق منه ) الضمير في منه للقاضي ، والمراد ما أنفقه من بيت المال : أي يمسك قدر ما أنفق ليرده إلى بيت المال ( قوله : أو علم ) بتشديد اللام : أي وصف علامته . وفي المصباح : علمت له علامة بالتشديد وضعت له أمارة يعرفها ( قوله : دفع باقي الثمن إليه ) نقل في التتارخانية عن التهذيب أنه لا يدفع إليه الثمن إلا بالبينة ولا يكتفي بالحلية . ونقل عن الكافي أنه يجوز أن يكتفي بها .

قلت : يمكن التوفيق بأن الأولى في وجوب الدفع والثاني في جوازه ( قوله : عن إعطاء الإذن ) أي لواجد الآبق ( قوله : فحينئذ فلا يصح إلخ ) ; لأنه لا يصح بيعه بلا إذن القاضي ، وحيث كان القاضي ممنوعا من إعطاء الإذن لا يصح إذنه ; لأنه يستفيد الولاية من السلطان ، ولكن هذا المنع السلطاني لا يبقى بعد موت السلطان المانع على ما أفاده الخير الرملي في فتاواه تأمل ( قوله : فكذلك ) أي لا يصح بيع القاضي ; لأن تصرفه منوط بالمصلحة وخصوصا بعد ورود الأمر له بذلك .




الخدمات العلمية