الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 450 ] وهل يملك المعزول مصادقة المستأجر على التعمير قيل نعم ، قال المصنف : والذي ترجح عندي لا . ليس للمتولي أخذ زيادة على ما قرر له الواقف أصلا ويجب صرف جميع ما يحصل من نماء وعوائد شرعية وعرفية لمصارف الوقف الشرعية ، [ ص: 451 ] ويجب على الحاكم أمر المرتشي برد الرشوة على الراشي غب الدعوى الشرعية . الكل من فتاوى المصنف .

قلت : لكن سيجيء في الوصايا ومر أيضا أن للمتولي أجر مثل عمله فتنبه .

التالي السابق


( قوله : قال المصنف والذي ترجح عندي لا ) أي لا تصح مصادقته ، وأخذ المصنف ذلك من قوله في الولوالجية من حكى أمرا لا يملك استئنافه إن كان فيه إيجاب الضمان على الغير لا يصدق ، وإن كان فيه نفي الضمان عن نفسه صدق قال : وحكاية المتولي ذلك فيه إيجاب الضمان على جهة الوقف فينبغي عدم تصديقه وهذا ما ترجح عندي في الجواب . ا هـ .

قلت : وهذا يشمل المعزول والمنصوب فذكر المعزول غير قيد ، وأصرح مما ذكره المصنف ما في دعوى البزازية لا ينفذ إقرار المتولي على الوقف ومثله في السابع من العمادية ، وفي فتاوى الحانوتي من الإجارة التصادق غير صحيح لأنه إقرار منه على الوقف وإقرار الناظر على الوقف غير صحيح ( قوله : ليس للمتولي إلخ ) فيه كلام يأتي قريبا . مطلب فيما يأخذه المتولي من العوائد العرفية

( قوله : ويجب صرف إلخ ) حاصل ما ذكره المصنف أنه سئل عن قرية موقوفة يريد المتولي أن يأخذ من أهاليها ما يدفعونه بسبب الوقف من العوائد العرفية من سمن ودجاج وغلال يأخذونها لمن يحفظ الزرع ، ولمن يحضر تذريته فيدفع المتولي لهما منها يسيرا ويأخذ الباقي مع ما ذكر لنفسه زيادة على معلومه فأجاب : جميع ما تحصل من الوقف من نماء وغيره مما هو من تعليقات الوقف يصرف في مصارفه الشرعية كعمارته ومستحقيه ا هـ ملخصا لكن أفتى في الخيرية بأنه إذا كان في ريع الوقف عوائد قديمة معهودة يتناولها الناظر بسعيه له طلبها لقول الأشباه عن إجارات الظهيرية والمعروف عرفا كالمشروط شرطا فهو صريح في استحقاقه ما جرت به العادة ا هـ ملخصا . مطلب في تحرير حكم ما يأخذه المتولي من عوائد

قلت : ويؤيده ما في البحر من جواز أخذ الإمام فاضل الشمع في رمضان إذا جرت به العادة وقد ظهر لي أنه لا ينافي ما ذكره المصنف لأن هذا في المتعارف أخذه من ريع الوقف بأن تعورف مثلا أن هذا الوقف يأخذه متوليه عشر ريعه فحيث كان قديما يجعل كأن الواقف شرطه له ، وما ذكره المصنف فيما يأخذه المتولي من أهل القرية كالذي يهدى له من دجاج وسمن ، فإن ذلك رشوة ، وكالذي يأخذه من الغلال المذكورة التي جعلت للحافظ فافهم . لكن الذي يظهر أن الغلال إذا كانت من ريع الوقف ، يجب صرفها في مصارف الوقف . [ ص: 451 ] وأما مثل الدجاج فيجب رده على أصحابه ، وهو ما أشار إليه بقوله : ويجب على الحاكم أمر المرتشي برد الرشوة على الراشي . مطلب فيما يسمى خدمة وتصديقا في زماننا

نعم إن كان ما يأخذه منهم تكملة أجر المثل يجب صرفه في مصارف الوقف وذلك كما يقع في زماننا كثيرا أن المستأجر إذا كان له كدك أو كردار في دكان أو عقار لا يستأجر إلا بدون أجر المثل ، ويدفع للناظر دراهم تسمى خدمة لأجل أن يرضى الناظر بالإجارة المذكورة ، فهي في الحقيقة من أجرة المثل فلو قلنا يردها على المستأجر يلزم ضرر الوقف ولا تحل للناظر لأنه عامل للوقف بما شرطه له الواقف ، أو القاضي س وقد صرحوا أيضا بأن الناظر إذا لم يمكنه أخذ الأجرة من المستأجر وظفر بمال المستأجر فله أخذ قدر الأجرة منه فهذه الخدمة إن كانت رشوة لا يجب ردها على الراشي حيث لم يمكنه أخذ أجرة المثل منه بل عليه صرفها في مصارف الوقف ، وبهذا علم حكم ما يفعله النظار في زماننا من أخذهم ما يسمونه تصديقا فيما إذا مات صاحب الكدك أو الكردار فيأخذ الناظر من ورثته دراهم ليصدق لهم على انتقال ذلك إليهم ، وكذا إذا اشترى أحد ذلك يأخذ من المشتري دراهم فإن كان ذلك تكملة أجر المثل ، فأخذه جائز إن صرفه في مصارفه وإلا فلا ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم ( قوله : ويجب على الحاكم إلخ ) لم أجده في نسختي من فتاوى المصنف ( غب الدعوى الشرعية ) الغب بالكسر عاقبة الشيء كما في القاموس ط ، وهو متعلق بقوله يجب لأن وجوب الحكم على الحاكم بعد الدعوى الشرعية فإذا ادعى الراشي على المرتشي بما دفعه إليه ، وثبت ذلك وجب على الحاكم أمر المرتشي برد الرشوة فافهم ( قوله : قلت لكن إلخ ) استدراك على قول المصنف في فتاواه : ليس للمتولي أخذ زيادة على ما قرره له الواقف . قلت : والجواب أن كلام المصنف فيمن شرط له الواقف شيئا معينا : وما سيجيء في الوصايا ومر أيضا عقب مسألة الجامكية فيمن نصبه القاضي ، ولم يشرط له الواقف كما قدمناه ، لكن قدمنا أيضا عن أنفع الوسائل بحثا أن الأول لو عين له الواقف أقل من أجر المثل ، فللقاضي أن يكمل له أجر المثل بطلبه فهذا مقيد لإطلاق المصنف كما قدمناه هناك .




الخدمات العلمية