الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
7456 3618 - (7508) - (2 \ 258) عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " جدال في القرآن كفر".

التالي السابق


* قوله: " جدال في القرآن كفر ": كأن المراد: أن نوعا من الجدال، وهو المؤدي إلى الشك والتكذيب، كفر، ولهذا نكر، وصح وقوع النكرة مبتدأ، ويحتمل أن وقوعه مبتدأ بالنظر إلى قوله: "في القرآن"; لأنه إما صفة له، أو متعلق به، وعلى الوجهين يفيد التخصيص المسوغ لوقوعه مبتدأ. وقد جاء في رواية الحاكم: "الجدال في القرآن كفر" بالتعريف، وفي رواية أبي داود وغيره: "المراء في القرآن كفر"، فقيل: المراء: هو الشك; أي: الشك في كون القرآن كلام الله كفر، وقيل: هو الجدال لإيقاع الناس في الشك فيه، وهو أن يروم تكذيب القرآن بعضه ببعض; للقدح فيه. ومن حق الناظر في القرآن أن يجتهد في التوفيق بين الآيات، والجمع بين المختلفات ما أمكنه; فإن القرآن يصدق بعضه بعضا، فإن أشكل عليه شيء من ذلك، ولم يتيسر له التوفيق، فليعتقد أنه من سوء فهمه، وليكله على عالمه، وهو الله تعالى، ورسوله; كما قال تعالى: فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول [النساء: 59]. وقيل: المراد: هو إنكار بعض قراءاته المتواترة. وقيل: هو الجدال في المتشابهات، ومسائل القدر ونحوها; فإنه يفضي إلى [ ص: 230 ] الكفر، دون البحث في الأحكام وأبواب التحليل والتحريم; فإن الصحابة قد تنازعوها فيما بينهم، وتحاجوا بها عند اختلافهم في الأحكام، ولم ينحرجوا من التناظر فيها وبها، وقد قال تعالى: فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول [النساء: 59 ]، فعلم أن النهي منصرف إلى غير هذا الوجه، والله تعالى أعلم .

* * *




الخدمات العلمية