الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
7125 3348 - (7165) - (2 \ 231 - 232) عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إن أول زمرة تدخل الجنة على صورة القمر ليلة البدر، ثم الذين يلونهم على أشد ضوء كوكب دري في السماء إضاءة، لا يبولون، ولا يتغوطون، ولا يتفلون، ولا يمتخطون، أمشاطهم الذهب، ورشحهم المسك، ومجامرهم الألوة، وأزواجهم الحور العين، أخلاقهم على خلق رجل واحد، على صورة أبيهم آدم، في طول ستين ذراعا".

التالي السابق


* قوله: " على صورة القمر ": أي: على نوره وضوئه .

* " على أشد ضوء كوكب ": الظاهر إضافة أشد وضوء إلى ما بعده; أي: على ضوء هو أشد ضوء كوكب ، ويحتمل أن يكون "ضوء" منصوبا على التمييز، وأن يكون "كوكب" بدلا من "أشد"; أي: على ضوء كوكب هو أشد ضوء هو كوكب دري، وعلى الأول "أشد" مجرور بالكسرة، وعلى الثاني بالفتحة; لكونه غير منصرف، ومعنى " دري"؟ أي: مضيء شديد الإنارة .

* وقوله: " إضاءة ": مصدر له معنى، ويحتمل على تقدير إضافة "أشد" أن يكون تمييزا لنسبته على المبالغة .

* " ولا يتفلون ": كيضرب وينصر .

* " ولا يمتخطون ": المخاط: ما يسيل من الأنف .

* " أمشاطهم ": قيل: الأمشاط لا يلزم أن تكون لتلبيد الشعور ووسخها، بل [ ص: 66 ] لزيادة تزيين ورفاهية، وكذا التبخر لا يلزم أن يكون لدفع النتن وخبث الرائحة، بل يكون لزيادة التطييب والتنعم، فلا يرد أنه لا حاجة لأهل الجنة إلى الأمشاط والتبخر؟ لعدم تلبد شعورهم، ولا وسخ فيها، وريحهم أطيب من المسك .

* " ورشحهم ": في "مجمع البحار": عن الكرماني - بفتحتين - ; أي: العرق، وقيل: المصحح في النسخ المعلوم من كتب اللغة أنها: - بفتح فسكون - ، والمراد: أن عرقهم كالمسك في طيب الرائحة .

* " مجامرهم ": جمع مجمر - بالكسر - ، وهو الذي يوضع فيه النار للبخور، و - بالضم - وهو الذي يتبخر به .

* " الألوة ": - بفتح الهمزة وضمها، وضم اللام وتشديد الواو - ، هذا هو المشهور، وحكي - بكسر الهمزة وتخفيف الواو - : عود يتبخر به .

* " على خلق رجل واحد ": روي - بفتح خاء وسكون لام - ، وهذا أنسب بقوله: "على صورة أبيهم"، و - بضمها - ، وهذا أنسب بقوله: "أخلاقهم "، وقد رجح الوجه الثاني بأن يجعل قوله: " على صورة أبيهم " كلاما مستأنفا، ولا يجعل بدلا من قوله: "على خلق رجل"؟ أي: هم على صورة أبيهم. قلت: وهذا أبلغ; لما فيه من بيان الخلق والخلق جميعا، والأول لا يناسب بقوله: " أخلاقهم " أصلا .

* " ستين ذراعا ": الظاهر بالذراع المتعارف يومئذ عند المخاطبين، وقيل: بذراع نفسه، وهو مردود بأن الحديث مسوق للتعريف، وهذا رد إلى الجهالة; لأن حاصله أن ذراعه جزء من ستين جزءا للطول، وهذا يتصور في طويل غاية الطول، وقصير غاية القصر، وبأن ذراع كل أحد قدر ربعه، فلو كان ستين ذراعا بذراع نفسه، لكان يده قصيرة في جنب طول جسده جدا، ويلزم منه قبح الصورة، وعدم اعتدالها، وأن يكون عديم المنافع المعدة لها اليدان، والله تعالى أعلم .

* * *




الخدمات العلمية